أخبار مكة وما جاء فيها من الأثار
الأزرقي
من أقدم
المصادر المعتبرة عنمكة وأشهرها. وهو كتاب خطط وجغرافية أكثر منه كتاب تاريخ. تتبع فيه
الأزرقي معاهدمكة المكرمة وما فيها من آثار وأماكن، وألمََّ بمجمل تاريخها
وجغرافيتها. يرجح أنه فرغ من تأليفه سنة (244هـ). ولمكانته
المرموقة وعلو شهرته قام عبد الملكبن أحمد الأرمانتي (ت722) بنظمه في أرجوزة، ذكرها ابن حجر في
(الدرر الكامنة)
والأدفوي في (الطالع السعيد). وكان الكتاب في أصله صغيراً فأضاف
إليه رواة الأزرقيأخباراً كثيرة، حتى أصبح بحجمه الحالي، وفي هذه الأخبار ما يصل إلى
عام (310هـ) معأن في الكتاب مشاهدات للمؤلف تعود إلى سنة (126هـ) مما اضطر
الباحثين إلى القول أنالمؤلف الحقيقي للكتاب هو جده أبو الوليد الذي كان من أصحاب الإمام
الشافعي، ثم قامهو بترتيب أوراق جده وزاد عليها، فنسب الكتاب إليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيد الامة محمد نبي الرحمة وآله وصحبه
ذكر ما كانت الكعبة الشريفة عليه
فوق الماء
قبل أن يخلق الله السموات والأرض وما جاء في ذلك
أخبرني والدي الفقيه الامام المحدث صدر الدين بقية المشايخ
أبو حفص عمر بن عبد المجيد بن عمر القرشي الميانشي رحمة الله عليه قال حدثنا
القاضي الامام أبو المظفر محمد بن علي بن الحسين الشيباني الطبري عن جده الشيخ
الامام الحسين عن الشيخ أبي الحسن علي بن خلف الشامي عن أبي القاسم خلف بن هبة
الله الشامي عن أبي محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس عن أبي الحسن محمد بن
نافع الخزاعي عن أبي محمد إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي عن أبي الوليد
محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد ابن الوليد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث
بن أبي شمر الغساني الأزرقي قال حدثنا جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال
حدثنا سفيان بن عيينة عن بشر بن عاصم عن سعيد بن المسيب قال قال كعب الأحبار: كانت
الكعبة غثاء على الماء قبل أن يخلق الله عز وجل السموات والأرض بأربعين سنة ومنها
دحيت الأرض، قال حدثنا أبو الوليد قال حدثني مهدي بن أبي المهدي قال حدثنا أبو
أيوب البصري عن هشام عن حميد قال سمعت مجاهداً يقول خلق الله عز وجل هذا البيت قبل
أن يخلق شيئاً من الأرضين؛ قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا جدي عن سعيد بن سلام عن
طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس انه قال لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق
الله السموات والأرض بعث الله تعالى ريحاً هفافة فصفقت الماء فأبرزت عن خشفة في
موضع هذا البيت كانها قبة فدحا الله الأرضين من تحتها فمادت ثم مادت فأوتدها الله
تعالى بالجبال فكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس فلذلك سميت مكة أم القرى، قال
وحدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن عمر بن إبراهيم الجبيري عن عثمان بن عبد الرحمن عن
هشام عن مجاهد قال: لقد خلق الله عز وجل موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئاً من
الأرض بألفي سنة وان قواعده لفي الأرض السابعة السفلى.
ذكر بناء الملائكة الكعبة قبل خلق
آدم ومبتدأ الطواف كيف كان
حدثنا أبو الوليد قال حدثني علي بن هارون بن مسلم العجلي عن أبيه قال حدثنا القاسم
بن عبد الرحمن الأنصاري قال حدثني محمد بن علي بن الحسين قال كنت مع أبي علي بن
الحسين بمكة فبينما هو يطوف بالبيت وأنا وراءه إذ جاءه رجل شرجع من الرجال يقول
طويل فوضع يده على ظهر أبي فالتفت أبي إليه فقال الرجل: السلام عليك يا ابن بنت
رسول الله اني أريد أن أسألك فسكت أبي وأنا والرجل خلفه حتى فرغ من أسبوعه فدخل
الحجر فقام تحت الميزاب فقمت أنا والرجل خلفه فصلى ركعتي أسبوعه ثم استوى قاعداً
فالتفت إلي فقمت فجلست إلى جنبه فقال يا محمد فأين هذا السائل ? فأومأت إلى الرجل
فجاء فجلس بين يدي أبي فقال له أبي عما تسأل ? قال أسألك عن بدء هذا الطواف بهذا
البيت لم كان وأنى كان وحيث كان وكيف كان ? فقال له أبي نعم من أين أنت ? قال من
أهل الشام قال أين مسكنك ? قال: في بيت المقدس قال: فهل قرأت الكتابين ? يعني
التوراة والانجيل قال الرجل نعم قال أبي يا أخا أهل الشام احفظ ولا تروين عني إلا
حقا أما بدؤ هذا الطواف بهذا البيت فان الله تبارك وتعالى قال للملائكة اني جاعل
في الأرض خليفة فقالت الملائكة أي رب أخليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء
ويتحاسدون، ويتباغضون ويتباغون ? أي رب اجعل ذلك الخليفة منا فنحن لا نفسد فيها،
ولا نسفك الدماء، ولا نتباغض، ولا نتحاسد، ولا نتباغى، ونحن نسبح بحمدك، ونقدس لك،
ونطيعك، ولا نعصيك فقال الله تعالى اني أعلم ما لا تعلمون قال فظنت الملائكة إن ما
قالوا رداً على ربهم عز وجل وانه قد غضب من قولهم فلاذوا بالعرش، ورفعوا رؤوسهم، وأشاروا
بالأصابع يتضرعون، ويبكون اشفاقاً لغضبه وطافوا بالعرش ثلاث ساعات فنظر الله إليهم
فنزلت الرحمة عليهم فوضع الله تعالى تحت العرش بيتاً على أربع أساطين من زبرجد
وغشاهن بياقوتة حمراء وسمي ذلك البيت الضراح ثم قال الله تعالى للملائكة طوفوا
بهذا البيت ودعوا العرش قال فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش وصار أهون عليهم
من العرش وهو البيت المعمور الذي ذكره الله عز وجل يدخله في كل يوم وليلة سبعون
ألف ملك لا يعودون فيه أبداً ثم ان الله سبحانه وتعالى بعث ملائكة فقال لهم أبنوا
لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره فأمر الله سبحانه من في الأرض من خلقه ان يطوفوا
بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، فقال الرجل صدقت يا بن بنت رسول
الله )ص( هكذا كان.
ذكر زيارة الملائكة البيت الحرام
شرفها الله
حدثنا أبو الوليد قال حدثني مهدي بن أبي المهدي قال حدثنا
عبد الرزاق قال حدثنا عمر بن بكار عن وهب بن منبه عن ابن عباس ان جبريل عليه
السلام وقف على رسول الله )ص( وعليه عصابة حمراء قد علاها الغبار فقال له رسول
الله )ص(: ما هذا الغبار أرى على عصابتك أيها الروح الامين ? قال: أبي زرت البيت
فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى مما تثير بأجنحتها، وأخبرني جدي
عن سعيد بن سالم عن عثمان ابن ساج قال أخبرني عثمان بن يسار قال: بلغني والله أعلم
ان الله تعالى إذا أراد أن يبعث ملكاً من الملائكة لبعض أموره في الأرض استأذنه
ذلك الملك في الطواف بالبيت فهبط الملك مهلا؛ وأخبرني جدي عن سعيد بن سالم عن
عثمان بن ساج عن وهب بن منبه نحو هذا إلا انه قال: ويصلي في البيت ركعتين، وأخبرني
جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال أخبرني عباد بن كثير عن ليث بن معاذ قال:
قال رسول الله )ص(: هذا البيت خامس خمسة عشر بيتاً سبعة منها في السماء إلى العرش
وسبعة منها إلى تخوم الأرض السفلى وأعلاها الذي يلي العرش، البيت المعمور لكل بيت
منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط منها بيت لسقط بعضها على بعض إلى تخوم الأرض
السفلى ولكل بيت من أهل السماء ومن أهل الأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت. حدثني
أبو الوليد قال وحدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان عن وهب بن منبه أن ابن عباس
أخبره ان جبريل وقف على رسول الله )ص( وعليه عصابة خضراء قد علاها الغبار فقال
رسول الله )ص(: ما هذا الغبار الذي أرى على عصابتك أيها الروح الأمين ? قال: اني
زرت البيت فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى مما تثير بأجنحتها.
ذكر هبوط آدم إلى الأرض وبنائه الكعبة، وحجه، وطوافه بالبيت
حدثنا أبو الوليد حدثنا جدي قال حدثنا سعيد بن سالم عن طلحة
بن عمرو الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: لما أهبط الله آدم إلى
الأرض من الجنة كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وهو مثل الفلك من رعدته قال:
فطأطأ الله عز وجل منه إلى ستين ذراعا، فقال: يا رب ما لي لا أسمع أصوات الملائكة
ولا أحسهم ? قال: خطيئتك يا آدم ولكن اذهب فابن لي بيتاً فطف به واذكرني حوله كنحو
ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي قال: فأقبل آدم عليه السلام يتخطا فطويت له الأرض
وقبضت له المفاوز فصارت كل مفازة يمر بها خطوة وقبض له ما كان من مخاض ماء أو بحر
فجعل له خطوة ولم تقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى
مكة فبنى البيت الحرام وان جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فابرز عن أس ثابت
على الأرض السفلى فقذفت فيه الملائكة من الصخر ما لا يطيق حمل الصخرة منها ثلاثون
رجلاً وانه بناه من خمسة اجبل من لبنان، وطور زيتا، وطور سينا والجودي، وحراء حتى
استوى على وجه الأرض، قال ابن عباس: فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به آدم
عليه السلام حتى بعث الله الطوفان قال: وكان غضباً ورجساً قال: فحيث ما انتهى
الطوفان ذهب ريح آدم عليه السلام قال: ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند قال:
فدرس موضع البيت في الطوفان حتى بعث الله تعالى إبراهيم وإسماعيل فرفعا قواعده
واعلامه وبنته قريش بعد ذلك وهو بحذاء البيت المعمور لو سقط، ما سقط إلا عليه.
حدثنا أبو الوليد حدثنا مهدي بن أبي المهدي قال حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم
الصنعاني عن عبد الصمد ابن معقل عن وهب بن منبه ان الله تعالى لما تاب على آدم
عليه السلام أمر أن يسير إلى مكة فطوى له الأرض وقبض له المفاوز فصار كل مفازة يمر
بها خطوة وقبض له ما كان فيها من مخاض ماء أو بحر فجعله له خطوة فلم يضع قدمه في
شيء من الأرض إلا صار عمراناً وبركة حتى انتهى إلى مكة، وكان قبل ذلك قد اشتد
بكاؤه وحزنه لما كان فيه من عظم المصيبة حتى ان كانت الملائكة لتحزن لحزنه ولتبكي
لبكائه فعزاه الله تعالى بخيمة من خيام الجنة ووضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل
أن تكون الكعبة، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة فيها ثلاث قناديل من
ذهب من تبر الجنة، فيها نور يلتهب من نور الجنة، ونزل معها الركن وهو يومئذ ياقوتة
بيضاء من ربض الجنة وكان كرسياً لآدم عليه السلام يجلس عليه، فلما صار آدم عليه
بمكة وحرس له تلك الخيمة بالملائكة كانوا يحرسونها ويذودون عنها ساكن الأرض،
وساكنها يومئذ الجن والشياطين فلا ينبغي لهم ان ينظروا إلى شيء من الجنة لأنه من
نظر إلى شيء من الجنة وجبت له، والأرض يومئذ طاهرة نقية لم تنجس، ولم تسفك فيها الدماء،
ولم يعمل فيها بالخطايا، فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة وجعلهم فيها كما كانوا في
السماء يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون، وكان وقوفهم على اعلام الحرم صفاً
واحداً مستديرين بالحرم الشريف كله، الحل من خلفهم والحرم كله من أمامهم فلا
يجوزهم جن ولا شيطان ومن أجل مقام الملائكة حرم الحرم حتى اليوم، ووضعت اعلامه حيث
كان مقام الملائكة وحرم الله عز وجل على حواء دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم عليه
السلام من أجل خطيئتها التي أخطأت في الجنة فلم تنظر إلى شيء من ذلك حتى قبضت، وإن
آدم عليه السلام كان إذا أراد لقاءها ليلم بها للولد خرج من الحرم كله حتى يلقاها
فلم تزل خيمة آدم عليه السلام مكانها حتى قبض الله آدم ورفعها الله تعالى وبنى بنو
آدم بها من بعده مكانها بيتاً بالطين والحجارة فلم يزل معموراً يعمرونه هم ومن
بعدهم حتى كان زمن نوح عليه السلام فنسفه الغرق وخفى مكانه فلما بعث الله تعالى
إبراهيم خليله عليه السلام طلب الاساس فلما وصل إليه ظلل الله تعالى له مكان البيت
بغمامة فكانت حفاف البيت الأول ثم لم تزل راكدة على حفافة تظل إبراهيم وتهديه مكان
القواعد حتى رفع الله القواعد قامة ثم انكشفت الغمامة فذلك قول الله عز وجل:
"وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت" أي الغمامة التي ركدت على الحفاف
لتهديه مكان القواعد فلم يزل بحمد الله منذ رفعه الله معمورا. قال وهب ابن منبه:
وقرأت في كتاب من الكتب الأولى ذكر فيه أمر الكعبة فوجد فيه أن ليس من ملك من
الملائكة بعثه تعالى إلى الأرض
إلا أمره بزيارة البيت فينقض من عند العرش محرماً ملبياً حتى يستلم الحجر ثم يطوف
سبعاً بالبيت ويركع في جوفه ركعتين ثم يصعد. وحدثني محمد ابن يحيى عن إبراهيم بن
محمد بن أبي يحيى عن عبد الله بن لبيد قال: بلغني أن ابن عباس قال: لما أهبط الله
سبحانه آدم عليه السلام إلى الأرض اهبطه إلى موضع البيت الحرام وهو مثل الفلك من
رعدته ثم أنزل عليه الحجر الأسود يعني الركن وهو يتلألأ من شدة بياضه فأخذه آدم
عليه السلام فضمه إليه أنساً به ثم نزلت عليه العصا فقيل له: تخط يا آدم فتخطا
فإذا هو بأرض الهند والسند فمكث بذلك ما شاء الله ثم استوحش إلى الركن فقيل له:
احجج قال: فحج فلقيته الملائكة فقالوا: بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك
بمئتي عام. وحدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرني محمد
بن إسحاق قال: بلغني ان آدم عليه السلام لما اهبط إلى الأرض حزن على ما فاته مما
كان يرى ويسمع في الجنة من عبادة الله فبوأ الله له البيت الحرام وأمره بالسير
إليه فسار إليه لا ينزل منزلاً إلا فجر الله له ماء معينا حتى انتهى إلى مكة فأقام
بها يعبد الله عند ذلك البيت ويطوف به فلم تزل داره حتى قبضه الله بها. حدثني جدي
قال: حدثني سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: بلغني ان عمر ابن الخطاب رضي الله
عنه قال لكعب: يا كعب أخبرني عن البيت الحرام قال كعب: انزله الله تعالى من السماء
ياقوتة مجوفة مع آدم عليه السلام فقال له: يا آدم ان هذا بيتي أنزلته معك يطاف
حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى حوله كما يصلى حول عرشي، ونزلت معه الملائكة فرفعوا
قواعده من حجارة ثم وضع البيت عليه فكان آدم عليه السلام يطوف حوله كما يطاف حول
العرش، ويصلي عنده كما يصلى عند العرش فلما أغرق الله قوم نوح رفعه الله إلى
السماء وبقيت قواعده. حدثني جدي قال: وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن ابان
بن أبي عياش قال: بلغنا عن أصحاب النبي )ص( ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل
كعباً ثم نسق مثل الحديث الأول. وحدثني جدي قال: وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي
يحيى عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس رضوان الله
عليه قال: كان آدم عليه السلام أول من أسس البيت وصلى فيه حتى بعث الله الطوفان.
حدثنا مهدي ابن أبي المهدي قال: حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن ابان
ان البيت أهبط ياقوتة لآدم عليه السلام أو درة واحدة. وحدثني جدي قال: حدثنا سعيد
بن سالم القداح عن عثمان بن ساج عن وهب بن منبه قال: كان البيت الذي بوأه الله
تعالى لآدم عليه السلام يومئذ ياقوتة من يواقيت الجنة، حمراء تلتهب، لها بابان
احدهما شرقي، والآخر غربي وكان فيه قناديل من نور آنيتها ذهب من تبر الجنة وهو
منظوم بنجوم من ياقوت أبيض، والركن يومئذ نجم من نجومه وهو يومئذ ياقوتة بيضاء
حدثنا جدي قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى قال: حدثنا المغيرة ابن زياد عن
عطاء بن أبي رباح قال: لما بنى ابن الزبير الكعبة أمر العمال ان يبلغوا في الأرض
فبلغوا صخراً أمثال الابل الخلف قال فقالوا: انا قد بلغنا صخراً معمولا امثال الابل
الخلف قال قال: زيدوا فاحفروا، فلما زادوا بلغوا هواء من نار يلقاهم فقال: ما لكم
? قالوا: لسنا نستطيع ان نزيد، رأينا أمراً عظيماً فلا نستطيع. فقال لهم: ابنوا
عليه، قال فسمعت عطاء يقول: يرون ان ذلك الصخر مما بنى آدم عليه السلام وحدثني جدي
عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس عليه
السلام خر آدم ساجداً يبكي فهتف به هاتف فقال: ما يبكيك يا آدم? قال: ابكاني انه
حيل بيني وبين تسبيح ملائكتك وتقديس قدسك، قيل له: يا آدم، قم إلى البيت الحرام،
فخرج إلى مكة فكان حيث يضع قدميه يفجر عيوناً، وعمراناً، ومداين وما بين قدميه
الخراب والمعاطش فبلغني أن آدم عليه السلام تذكر الجنة فبكا، فلو عدل بكاء الخلق
ببكاء آدم حين أخرج من الجنة ما عدله ولو عدل بكاء الخلق وبكاء آدم عليه السلام
ببكاء داود حين أصاب الخطيئة ما عدله حدثني جدي قال: اخبرنا سعيد بن سالم عن عثمان
بن ساج عن وهب بن منبه أن آدم عليه السلام اشتد بكاؤه وحزنه لما كان من عظم
المصيبة حتى ان كانت الملائكة لتحزن لحزنه، ولتبكي لبكائه قال: فعزاه
الله بخيمة من خيام الجنة وضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة وتلك
الخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت الجنة وفيها ثلاثة قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها
نور يلتهب من نور الجنة، فلما صار آدم عليه السلام إلى مكة وحرس له تلك الخيمة
بالملائكة فكانوا يحرسونه ويذودون عنها سكان الأرض، وسكانها يومئذ الجن،
والشياطين، ولا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة، لأنه من نظر إلى شيء منها
وجبت له، والأرض يومئذ نقية طاهرة طيبة لم تنجس ولم تسفك فيها الدماء، ولم يعمل
فيها بالخطايا فلذلك جعلها الله يومئذ مستقر الملائكة وجعلهم فيها كما كانوا في
السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون، قال: فلم تزل تلك الخيمة مكانها حتى قبض
الله آدم عليه السلام ثم رفعها إليه حدثني مهدي بن أبي المهدي عن عبد الله بن معاذ
الصنعاني عن معمر عن قتادة في قوله عز وجل "وإذ بوأنا لابراهيم مكان
البيت" قال وضع الله تعالى البيت مع آدم عليه السلام فأهبط الله تعالى آدم
إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، وكانت
الملائكة تهابه فقبض إلى ستين ذراعاً فحزن آدم عليه السلام إذ فقد أصوات الملائكة
وتسبيحهم. فشكا ذلك إلى الله تعالى فقال الله تعالى يا آدم اني أهبطت معك بيتاً
يطاف حوله كما يطاف حول عرشي فانطلق إليه فخرج آدم عليه السلام ومد له في خطو فكان
خطوتان أو بين خطوتين مفازة فلم يزل على ذلك، فأتى آدم عليه السلام البيت فطاف به،
ومن بعده من الانبياء، حدثني محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن عمران عن عمر بن أبي
معروف عن عبد الله بن أبي زياد أنه قال: لما أهبط الله تعالى آدم عليه السلام من
الجنة قال: يا آدم ابن لي بيتاً بحذاء بيتي الذي في السماء تتعبد فيه أنت وولدك
كما تتعبد ملائكتي حول عرشي. فهبطت عليه الملائكة فحفر حتى بلغ الأرض السابعة
فقذفت فيه الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض وهبط آدم عليه السلام بياقوتة
حمراء مجوفة لها أربعة أركان بيض فوضعها على الأساس فلم تزل الياقوتة كذلك حتى كان
زمن الغرق فرفعها الله سبحانه وتعالى.ه بخيمة من خيام الجنة وضعها له بمكة في موضع
الكعبة قبل أن تكون الكعبة وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت الجنة وفيها ثلاثة
قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها نور يلتهب من نور الجنة، فلما صار آدم عليه
السلام إلى مكة وحرس له تلك الخيمة بالملائكة فكانوا يحرسونه ويذودون عنها سكان
الأرض، وسكانها يومئذ الجن، والشياطين، ولا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة،
لأنه من نظر إلى شيء منها وجبت له، والأرض يومئذ نقية طاهرة طيبة لم تنجس ولم تسفك
فيها الدماء، ولم يعمل فيها بالخطايا فلذلك جعلها الله يومئذ مستقر الملائكة
وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون، قال: فلم تزل
تلك الخيمة مكانها حتى قبض الله آدم عليه السلام ثم رفعها إليه حدثني مهدي بن أبي
المهدي عن عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن قتادة في قوله عز وجل "وإذ
بوأنا لابراهيم مكان البيت" قال وضع الله تعالى البيت مع آدم عليه السلام
فأهبط الله تعالى آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء
ورجلاه في الأرض، وكانت الملائكة تهابه فقبض إلى ستين ذراعاً فحزن آدم عليه السلام
إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم. فشكا ذلك إلى الله تعالى فقال الله تعالى يا آدم
اني أهبطت معك بيتاً يطاف حوله كما يطاف حول عرشي فانطلق إليه فخرج آدم عليه
السلام ومد له في خطو فكان خطوتان أو بين خطوتين مفازة فلم يزل على ذلك، فأتى آدم
عليه السلام البيت فطاف به، ومن بعده من الانبياء، حدثني محمد بن يحيى عن عبد
العزيز بن عمران عن عمر بن أبي معروف عن عبد الله بن أبي زياد أنه قال: لما أهبط
الله تعالى آدم عليه السلام من الجنة قال: يا آدم ابن لي بيتاً بحذاء بيتي الذي في
السماء تتعبد فيه أنت وولدك كما تتعبد ملائكتي حول عرشي. فهبطت عليه الملائكة فحفر
حتى بلغ الأرض السابعة فقذفت فيه الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض وهبط آدم
عليه السلام بياقوتة حمراء مجوفة لها أربعة أركان بيض فوضعها على الأساس فلم تزل
الياقوتة كذلك حتى كان زمن الغرق فرفعها الله سبحانه وتعالى.
ما جاء في حج آدم
عليه السلام ودعائه لذريته
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان
بن ساج قال: حدثت ان آدم عليه السلام خرج حتى قدم مكة فبنى البيت، فلما فرغ من
بنائه قال: أي رب ان لكل أجير أجراً وإن لي أجراً، قال: نعم ! فاسألني قال: أي رب
تردني من حيث أخرجتني، قال: نعم ! ذلك لك قال: أي رب ومن خرج إلى هذا البيت من
ذريتي يقر على نفسه بمثل الذي قررت به من ذنوبي أن تغفر له قال نعم ! ذلك لك،
حدثنا أبو الوليد قال حدثنا محمد بن يحيى عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن أبي المليح
انه قال: كان أبو هريرة يقول: حج آدم عليه السلام فقضى المناسك فلما حج قال: يا رب
ان لكل عامل أجراً قال الله تعالى: أما أنت يا آدم فقد غفرت لك وأما ذريتك فمن جاء
منهم هذا البيت فباء بذنبه غفرت له، فحج آدم عليه السلام فاستقبلته الملائكة
بالردم فقالت: بر حجك يا آدم قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام، قال: فما كنتم
تقولون حوله ? قالوا: كنا نقول: سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر، قال: فكان آدم عليه السلام إذا طاف بالبيت يقول هؤلاء الكلمات وكان طواف آدم
عليه السلام سبعة أسابيع بالليل وخمسة أسابيع بالنهار، قال نافع: كان ابن عمر رحمه
الله يفعل ذلك، حدثني محمد بن يحيى قال حدثني هشام بن سليمان المخزومي عن عبد الله
بن أبي سليمان مولى بني مخزوم انه قال: طاف آدم عليه السلام سبعاً بالبيت حين نزل،
ثم صلى تجاه باب الكعبة ركعتين، ثم أتى الملتزم فقال: اللهم انك تعلم سريرتي
وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم ما في نفسي وما عندي فاغفر لي ذنوبي وتعلم حاجتي
فاعطني سؤلي، اللهم اني أسألك ايماناً يباشر قلبي ويقيناً صادقاً حتى أعلم انه لن
يصيبني إلا ما كتبت لي والرضا بما قضيت علي، قال: فأوحى الله تعالى إليه يا آدم قد
دعوتني بدعوات فاستجبت لك، ولن يدعوني بها أحد من ولدك إلا كشفت غمومه وهمومه
وكففت عليه ضيعته، ونزعت الفقر من قلبه، وجعلت الغناء بين عينيه، وتجرت له من وراء
تجارة كل تاجر، وأتته الدنيا وهي راغمة وان كان لا يريدها. قال: فمذ طاف آدم عليه
السلام كانت سنة الطواف.
سنة الطواف
حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال
حدثني موسى بن عبيد عن محمد بن المنكدر قال: كان أول شيء عمله آدم عليه السلام حين
أهبط من السماء طاف بالبيت فلقيته الملائكة فقالوا: بر نسكك يا آدم طفنا بهذا
البيت قبلك بألفي سنة حدثني جدي عن سفيان بن عيينة عن الحرام بن أبي لبيد المدني
قال: حج آدم عليه السلام فلقيته الملائكة فقالوا: يا آدم بر حجك قد حججنا قبلك
بألفي عام، حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرني سعيد ان آدم
عليه السلام حج على رجليه سبعين حجة ماشياً، وان الملائكة لقيته بالمازمين فقالوا
بر حجك يا آدم إنا قد حججنا قبلك بألفي عام، حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن طلحة بن
عمرو الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنه قال: حج آدم عليه
السلام وطاف بالبيت سبعاً فلقيته الملائكة في الطواف فقالوا: بر حجك يا آدم أما
انا قد حججنا قبلك هذا البيت بألفي عام قال: فما كنتم تقولون في الطواف ? قالوا:
كنا نقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال آدم عليه السلام:
فزيدوا فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: فزادت الملائكة فيها ذلك قال: ثم حج
إبراهيم عليه السلام بعد بنيانه البيت فلقيته الملائكة في الطواف فسلموا عليه فقال
لهم إبراهيم: ماذا كنتم تقولون في طوافكم ? قالوا: كنا نقول قبل أبيك آدم سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فأعلمناه ذلك فقال آدم عليه السلام:
زيدوا فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقال إبراهيم: زيدوا فيها العلي العظيم
قال: ففعلت الملائكة ذلك.
ذكر وحشة آدم في الأرض
حين نزلها وفضل البيت الحرام والحرم
حدثنا أبو الوليد قال حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن وهب بن منبه
انه قال: ان آدم عليه السلام لما هبط إلى الأرض استوحش فيها لما رأى من سعتها، ولم
ير فيها أحداً غيره فقال: يا رب أما لأرضك هذه عامر يسبحك فيها ويقدس لك غيري ?
قال: اني سأجعل فيها من ذريتك من يسبح بحمدي، ويقدس لي، وسأجعل فيها بيوتاً ترفع
لذكري ويسبحني فيها خلقي، وسأبوئك فيها بيتاً أختاره لنفسه، واختصه بكرامتي،
وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمي، فأسميه بيتي، وانطقه بعظمتي، واجوزه بحرماتي،
واجعله أحق بيوت الأرض كلها وأولاها بذكري، وأضعه في البقعة التي اخترت لنفسي،
فاني اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض، وقبل ذلك قد كان بغيتي فهو صفوتي من
البيوت ولست أسكنه وليس ينبغي لي أن أسكن البيوت ولا ينبغي لها أن تسعني، ولكن على
كرسي الكبرياء والجبروت وهو الذي استقل بعزتي، وعليه وضعت عظمتي وجلالي، وهنالك
استقر قراري، ثم هو بعد ضعيف عني لولا قوتي ثم أنا بعد ذلك ملء كل شيء، وفوق كل
شيء، ومع كل شيء، ومحيط بكل شيء، وامام كل شيء، وخلف كل شيء، ليس ينبغي لشيء أن
يعلم علمي، ولا يقدر قدرتي، ولا يبلغ كنه شأني، اجعل ذلك البيت لك ولمن بعدك حرماً
وأمنا، أحرم بحرماته ما فوقه، وما تحته، وما حوله فمن حرمه بحرمتي فقد عظم حرماتي،
ومن أحله فقد أباح حرماتي، ومن أمن أهله فقد استوجب بذلك أماني، ومن أخافهم فقد
اخفرني في ذمتي، ومن عظم شأنه عظم في عيني، ومن تهاون به صغر في عيني ولكل ملك
حيازة ما حواليه، وبطن مكة خيرتي وحيازتي وجيران بيتي وعمارها وزوارهما وفدي
وأضيافي في كنفي وأفنيتي ضامنون علي في ذمتي وجواري فاجعله أول بيت وضع للناس،
وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض يأتونه أفواجاً شعثاً غبراً على كل ضامر يأتين من
كل فج عميق يعجون بالتكبير عجيجاً ويرجون بالتلبية رجيجاً وينتحبون بالبكاء نحيباً
فمن اعتمره لا يريد غيري فقد زارني ووفد إلي ونزل بي ومن نزل بي فحقيق علي أن
أتحفه بكرامتي وحق الكريم أن يكرم وفده وأضيافه وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته،
تعمره يا آدم ما كنت حياً ثم تعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء أمة بعد أمة
وقرن بعد قرن ونبي بعد نبي حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ولدك وهو خاتم النبيين فاجعله
من عماره، وسكانه، وحماته، وولاته، وسقاته يكون أميني عليه ما كان حياً فإذا انقلب
إلي وجدني قد ذخرت له من أجره وفضيلته ما يتمكن به للقربة مني والوسيلة إلي وأفضل
المنازل في دار المقام واجعل إسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وثناءه ومكرمته لنبي
من ولدك يكون قبل هذا النبي وهو أبوه يقال له إبراهيم ارفع له قواعده، واقضي على
يديه عمارته، وانيط له سقايته، وأريه حله وحرمه ومواقفه واعلمه مشاعره ومناسكه،
واجعله امة واحدة، قانتاً لي، قائماً بأمري داعياً إلى سبيلي أجتبيه واهديه إلى
صراط مستقيم، أبتليه فيصبر، وأعافيه فيشكر، وينذر لي فيفي، ويعدني فينجز، وأستجيب
له في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم فاجعلهم أهل ذلك البيت، وولاته، وحماته،
وخدامه، وسدانه وخزانه، وحجابه حتى يبتدعوا ويغيروا. فإذا فعلوا ذلك فانا الله
أقدر القادرين على أن استبدل من أشاء بمن أشاء، اجعل إبراهيم امام أهل ذلك البيت،
وأهل تلك الشريعة يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الأنس والجن يطئون فيها
آثاره، ويتبعون فيها سنته، ويقتدون فيها بهديه، فمن فعل ذلك منهم أوفى نذره،
واستكمل نسكه، ومن لم يفعل ذلك منهم ضيع نسكه، وأخطأ بغيته فمن سأل عني يومئذ في
تلك المواطن أين أنا ? فأنا مع الشعث الغبر الموفين بنذورهم المستكملين مناسكهم
المبتهلين إلى ربهم الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون وليس هذا الخلق، ولا هذا الأمر
الذي قصصت عليك شأنه يا آدم بزايد في ملكي، ولا عظمتي، ولا سلطاني، ولا شيء مما
عندي إلا كما زادت قطرة من رشاش وقعت في سبعة أبحر تمدها من بعدها سبعة أبحر لا
تحصى بل القطرة أزيد في البحر من هذا الأمر في شيء مما عندي ولو لم أخلقه لم ينقص
شيئاً من ملكي ولا عظمتي ولا مما عندي من الغناء والسعة إلا كما نقصت الأرض ذرة
وقعت من جميع ترابها، وجبالها وحصاها، ورمالها، وأشجارها بل الذرة أنقص في الأرض
من هذا الأمر لو لم أخلقه لشيء مما عندي وبعد هذا من هذا مثلاً للعزيز الحكيم،
حدثنا
مهدي بن أبي المهدي قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني قال: حدثني عبد
الصمد بن معقل عن وهب بن منبه بنحوه.ي بن أبي المهدي قال: حدثنا إسماعيل بن عبد
الكريم الصنعاني قال: حدثني عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه بنحوه.
ما جاء في البيت المعمور
حدثنا أبو الوليد قال حدثني جدي قال حدثني سعيد بن سالم عن
عثمان ابن ساج عن وهب بن منبه قال أخبرني أبو سعيد عن مقاتل يرفع الحديث إلى النبي
)ص( في حديث حدث به قال: سمي البيت المعمور لأنه يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك ثم
ينزلون إذا أمسوا فيطوفون بالكعبة ثم يسلمون على النبي )ص( ثم ينصرفون فلا تنالهم
النوبة حتى تقوم الساعة. حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن وهب بن
منبه انه وجد في التوراة بيتاً في السماء بحيال الكعبة فوق قبتها اسمه الضراح وهو
البيت المعمور يرده كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبداً.
حدثني جدي عن سعيد بن سالم قال أخبرني ابن جريج عن صفوان بن سليم عن كريب مولى ابن
عباس عن ابن عباس قال قال رسول الله )ص(: البيت الذي في السماء يقال له الضراح وهو
مثل بناء هذا البيت الحرام ولو سقط لسقط عليه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا
يعودون فيه أبداً.
وحدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرني محمد ابن السايب الكلبي
قال: بلغني والله أعلم ان بيتاً في السماء يقال له الضراح بحيال الكعبة يدخله كل
يوم سبعون ألف ملك من الملائكة ما دخلوه قط قبلها حدثني جدي قال حدثني سفيان بن
عيينة عن ابن أبي حسين عن أبي الطفيل قال: سأل ابن الكواء علياً رضي الله عنه ما
البيت المعمور ? قال: هو الضراح وهو حذاء هذا البيت وهو في السماء السادسة يدخله
كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبداً.
حدثني أبو محمد قال حدثنا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي قال حدثنا
سفيان بن عيينة بنحوه إلا أنه قال: في السماء السابعة وقال: لا يعودون إليه أبداً
إلى يوم القيمة.
حدثنا أبو الوليد قال حدثنا مهدي بن أبي المهدي قال حدثنا عبد الله بن معاذ
الصنعاني قال حدثنا معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال: شهدت علياً رضي
الله عنه وهو يخطب وهو يقول: سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة
إلا حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما منه آية إلا وأنا أعلم أنها بليل
نزلت أم بنهار أم بسهل نزلت أم بجبل فقام ابن الكواء وأنا بينه وبين علي رضي الله
عنه وهو خلفي قال: أفرأيت البيت المعمور ما هو ? قال: ذاك الضراح فوق سبع سموات
تحت العرش يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة.
ما جاء في رفع البيت المعمور
زمن الغرق وما جاء فيه
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال حدثنا سعيد بن سالم عن
ابن جريج عن مجاهد قال: بلغني انه لما خلق الله عز وجل السموات والأرض كان أول شيء
وضعه فيها البيت الحرام وهو يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان أحدهما شرقي
والآخر غربي فجعله مستقبل البيت المعمور فلما كان زمن الغرق رفع في ديباجتين فهو
فيهما إلى يوم القيمة واستودع الله عز وجل الركن أبا قبيس قال وقال ابن عباس: كان
ذهباً فرفع زمان الغرق وهو في السماء وقال ابن جريج قال جويبر: كان بمكة البيت
المعمور فرفع زمان الغرق فهو في السماء حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان ابن
ساج قال: أخبرني أبو سعيد عن مقاتل يرفع الحديث إلى النبي )ص( في حديث حدث به ان
آدم عليه السلام قال: أي رب اني أعرف شقوتي اني لا أرى شيئاً من نورك يعبد فأنزل
الله عز وجل عليه البيت المعمور على عرض هذا البيت في موضعه من ياقوتة حمراء ولكن
طوله كما بين السماء والأرض وأمره أن يطوف به فاذهب الله عنه الغم الذي كان يجده
قبل ذلك ثم رفع على عهد نوح عليه السلام.
ذكر بناء ولد آدم البيت الحرام
بعد موت آدم عليه السلام
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن وهب بن منبه
انه قال: لما رفعت الخيمة التي عزى الله بها آدم من حلية الجنة حين وضعت له بمكة
في موضع البيت ومات آدم عليه السلام فبنى بنو آدم من بعده مكانها بيتاً بالطين
والحجارة فلم يزل معموراً يعمرونه هم ومن بعدهم حتى كان زمن نوح عليه السلام فنسفه
الغرق وغير مكانه حتى بوئ لابراهيم عليه السلام.
ما جاء في طواف سفينة نوح
عليه السلام زمن الغرق بالبيت الحرام
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا مهدي بن أبي المهدي قال: حدثنا
بشر ابن السرى البصري عن داود بن أبي الفرات الكندي عن علباء بن أحمر اليشكري عن
عكرمة عن ابن عباس قال: كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلاً معهم أهلوهم وانهم
كانوا أقاموا في السفينة مائة وخمسين يوماً وان الله تعالى وجه السفينة إلى مكة
فدارت بالبيت أربعين يوماً ثم وجهها الله تعالى إلى الجودى قال فاستقرت عليه فبعث
نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بخبر الأرض فذهب فوقع على الجيف وأبطأ عنه فبعث
الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين فعرف نوح ان الماء قد نضب فهبط إلى
أسفل الجودي فابتنى قرية وسماها ثمانين فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على
ثمانين لغة احداها العربية قال: فكان لا يفقه بعضهم عن بعض وكان نوح عليه السلام
يعبر عنهم.
أمر الكعبة بين نوح وإبراهيم عليهما السلام
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن بن جريج
عن مجاهد انه قال كان موضع الكعبة قد خفي ودرس في زمن الغرق فيما بين نوح وإبراهيم
عليهما السلام قال: وكان موضعه أكمة حمراء مدرة لا تعلوها السيول غير ان الناس
يعلمون ان موضع البيت فيما هنالك ولا يثبت موضعه وكان يأتيه المظلوم والمتعوذ من
أقطار الأرض، ويدعو عنده المكروب فقل من دعا هنالك الا استجيب له. وكان الناس
يحجون إلى موضع البيت حتى بوأ الله مكانه لابراهيم عليه السلام لما أراد من عمارة
بيته واظهار دينه وشرايعه فلم يزل منذ أهبط الله آدم عليه السلام إلى الأرض معظماً
محرماً بيته تتناسخه الأمم والملل أمة بعد أمة وملة بعد ملة قال: وقد كانت
الملائكة تحجه قبل آدم عليه السلام.
ما ذكر من تخير إبراهيم
عليه السلام موضع البيت الحرام من الأرض
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان
بن ساج قال: بلغني والله أعلم ان إبراهيم خليل الله تعالى عرج به إلى السماء فنظر
إلى الأرض مشارقها ومغاربها فاختار موضع الكعبة فقالت له الملائكة: يا خليل الله
اخترت حرم الله تعالى في الأرض قال: فبناه من حجارة سبعة أجبل قال: ويقولون خمسة
وكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم من تلك الجبال.
باب ما جاء في إسكان إبراهيم إبنه إسماعيل
وأمه هاجر في بدء أمره عند البيت الحرام كيف كان
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال حدثني سعيد بن سالم عن عثمان ابن ساج قال
أخبرني محمد بن إسحاق قال حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد ان الله تعالى لما بوأ
لابراهيم مكان البيت خرج إليه من الشام وخرج معه ابنه إسماعيل وأمه هاجر، وإسماعيل
طفل يرضع وحملوا فيما يحدثني على البراق، قال عثمان بن ساج: وحدثنا عن الحسن
البصري انه كان يقول في صفة البراق عن النبي )ص( قال: انه أتاني جبريل بدابة بين
الحمار والبغل، لها جناحان في فخذيها تحفزانها تضع حافرها في منتهى طرفها، قال
عثمان: قال محمد بن إسحاق: ومعه جبريل عليه السلام يدله على موضع البيت ومعالم
الحرم قال: فخرج وخرج معه لا يمر إبراهيم بقرية من القرايا إلا قال: يا جبريل
أبهذا أمرت ? فيقول له جبريل عليه السلام: أمضه حتى قدم مكة وهي إذ ذاك عضاه من
سلم وسمر وبها ناس يقال لهم العماليق خارجاً من مكة فيما حولها، والبيت يومئذ ربوة
حمراء مدرة. فقال إبراهيم لجبريل: أها هنا أمرت أن أضعهما ? قال: نعم ! قال: فعمد
بهما إلى موضع الحجر فأنزلهما فيه وأمر هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشاً ثم
قال: ربنا اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع الآية ثم انصرف إلى الشام وتركهما
عند البيت الحرام. وحدثني جدي قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن كثير
بن المطلب ابن أبي وداعة السهمي عن سعيد بن جبير قال حدثنا عبد الله بن عباس انه
حين كان بين أم إسماعيل بن إبراهيم وبين سارة امرأة إبراهيم ما كان أقبل إبراهيم
عليه السلام بأم إسماعيل، وإسماعيل وهو صغير ترضعه حتى قدم بهما مكة ومع أم
إسماعيل شنة فيها ماء تشرب منها وتدر على ابنها وليس معها زاد؛ يقول سعيد بن جبير:
قال ابن عباس: فعمد بهما إلى دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد يشير لنا بين البير وبين
الصفة يقول فوضعهما تحتها، ثم توجه إبراهيم خارجاً على دابته واتبعت أم إسماعيل
أثره حتى أوفى إبراهيم بكدا يقول ابن عباس: فقالت له أم إسماعيل إلى من تتركها
وابنها ? قال: إلى الله عز وجل قالت: رضيت بالله فرجعت أم إسماعيل تحمل ابنها حتى
قعدت تحت الدوحة فوضعت ابنها إلى جنبها وعلقت شنتها تشرب منها وتدر على ابنها حتى
فني ماء شنتها فانقطع درها فجاع ابنها فاشتد جوعه حتى نظرت إليه أمه يتشحط قال:
فحسبت أم إسماعيل انه يموت فأحزنها، يقول ابن عباس: قالت أم إسماعيل: لو تغيبت عنه
حتى لا أرى موته، يقول ابن عباس: فعمدت أم إسماعيل إلى الصفا حين رأته مشرفاً
تستوضح عليه أي ترى أحداً بالوادي ثم نظرت إلى المروة ثم قالت: لو مشيت بين هذين
الجبلين تعللت حتى يموت الصبي ولا أراه قال ابن عباس: فمشت بينهما أم إسماعيل ثلاث
مرات أو أربع ولا تجيز بطن الوادي في ذلك إلا رملا، يقول ابن عباس: ثم رجعت أم
إسماعيل إلى ابنها فوجدته ينشغ كما تركته فأحزنها فعادت إلى الصفا تتعلل حتى يموت
ولا تراه فمشت بين الصفا والمروة كما مشت أول مرة، يقول ابن عباس: حتى كان مشيها
وبينهما سبع مرات، قال ابن عباس: قال أبو القاسم: )ص( فلذلك طاف الناس بين الصفا
والمروة، قال: فرجعت أم إسماعيل تطالع ابنها فوجدته كما تركته ينشغ فسمعت صوتاً قد
آب عليها ولم يكن معها أحد غيرها فقالت: قد أسمع صوتك فأغثني ان كان عندك خير قال:
فخرج لها جبريل عليه السلام فاتبعته حتى ضرب برجله مكان البئر يعني زمزم فظهر ماء
فوق الأرض حيث فحص جبريل، يقول ابن عباس قال أبو القاسم: )ص( فحاضته أم إسماعيل
بتراب ترده خشية أن يفوتها قبل أن تأتي بشنتها فاستقت وشربت ودرت على ابنها.
حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرني محمد بن إسحاق قال
بلغني ان ملكاً أتى هاجر أم إسماعيل حين أنزلها إبراهيم بمكة قبل أن يرفع إبراهيم
وإسماعيل القواعد من البيت فأشار لها إلى البيت وهو ربوة حمراء مدرة فقال لها: هذا
أول بيت وضع للناس في الأرض وهو بيت الله العتيق، واعلمي إن إبراهيم وإسماعيل
يرفعانه للناس، قال ابن جريج: وبلغني ان جبريل عليه السلام حين هزم بعقبة في موضع
زمزم قال لأم إسماعيل. وأشار لها إلى موضع البيت هذا أول بيت وضع للناس، وهو بيت
الله العتيق، واعلمي إن إبراهيم وإسماعيل يرفعانه للناس ويعمرانه فلا يزال
معموراً، محرماً، مكرماً إلى يوم القيمامة، قال ابن جريج: فماتت أم إسماعيل قبل أن
يرفعه إبراهيم وإسماعيل ودفنت في موضع الحجر.
حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرني علي ابن عبد الله بن
الوازع عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ان الملك الذي أخرج زمزم
لهاجر قال لها: وسيأتي أبو هذا الغلام فيبني بيتاً هذا مكانه وأشار لها إلى موضع
البيت ثم انطلق الملك.
ما ذكر من نزول جرهم
مع أم إسماعيل في الحرم
حدثني جدي عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن
كثير بن كثير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أخرج الله ماء زمزم لأم
إسماعيل فبينا هي على ذلك إذ مر ركب من جرهم قافلين من الشام في الطريق السفلى
فرأى الركب الطير على الماء فقال بعضهم: ما كان بهذا الوادي من ماء ولا أنيس، يقول
ابن عباس: فأرسلوا جريين لهم حتى أتيا أم إسماعيل فكلماها ثم رجعا إلى ركبهما
فأخبراهم بمكانها، قال: فرجع الركب كلهم حتى حيوها فردت عليهم وقالوا: لمن هذا
الماء ? قالت أم إسماعيل: هو لي قالوا لها: أتأذنين لنا أن ننزل معك عليه ? قالت:
نعم ! يقول ابن عباس: قال أبو القاسم )ص(: القي ذلك أم إسماعيل وقد أحبت الأنس
فنزلوا وبعثوا إلى أهاليهم فقدموا إليهم وسكنوا تحت الدوح، واعترشوا عليها العرش
فكانت معهم هي وابنها، حتى ترعرع الغلام ونفسوا فيه وأعجبهم، وتوفيت أم إسماعيل
وطعامهم الصيد يخرجون من الحرم ويخرج معهم إسماعيل فيصيد، فلما بلغ أنكحوه جارية
منهم، قال: وهي في بنت سعيد بن أسامة، يقول ابن عباس: فأقبل إبراهيم من الشام
يقول: حتى أطالع تركتي فأقبل إبراهيم عليه السلام حتى قدم مكة فوجد امرأة إسماعيل
فسألها عنه فقالت: هو غائب، ولم تلن له في القول فقال لها إبراهيم: قولي لاسماعيل:
قد جاء بعدك شيخ كذا وكذا وهو يقرأ عليك السلام ويقول لك: غير عتبة بيتك فاني لم
أرضها، يقول ابن عباس: وكان إسماعيل عليه السلام كلما جاء سأل أهله هل جاءكم أحد
بعدي ? فلما رجع سأل أهله فقالت امرأته: قد جاء بعدك شيخ فنعتته له فقال لها
إسماعيل: قلت له شيئاً قالت: لا قال: فهل قال لك من شيء ? قالت: نعم ! اقري عليه
السلام وقولي له غير عتبه بيتك فاني لم أرضها لك قال إسماعيل: أنت عتبة بيتي
فارجعي إلى أهلك فردها إسماعيل إلى أهلها فأنكحوه امرأة اخرى، يقول ابن عباس: ثم
لبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ثم رجع إبراهيم فوجد إسماعيل
يتبع..........