بســم
اللهِ الرحمـن الرحيـم
الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم ، وصلى الله على سيد الخلق محمد وعلى
آله وصحبه وسلم.
هذا كتاب في علم الهيئة ، اقتبسته من الآثار ، وتتبعته من الأخبار ، ليبتهج
به أولو النهى ، ويعتبر به أولو الأبصار وسميته: (الهيئة السنية في الهيئة السنية)
والله أسأل حسن النية ، وخاتمة مرضية.
باب ما ورد في
العرش والكرسي
قال تعالى: {وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ}
، وقال: {وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَمَواتِ والأَرضَ}.
العرش والكرسي من نور
الله
أخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن وهب بن منبه قال: (إِن
اللَهَ تعالى خلق العرش والكرسي من نوره؛ فالعرش ملتصق بالكرسي ، والماء في جوف
الكرسي ، وحول العرش أربعة أنهار: نهر من نور يتلألأ ، ونهر من نار تتلظى ، ونهر من
ثلج أبيض ، تلتمع منه الأبصار ، ونهر من ماء ، والملائكة قيام في تلك الأنهار ،
يسبحون الله تعالى ، وللعرش ألسنة بعدد ألسنة الخلق كلهم ، فهو يسبح الله تعالى ،
ويذكره بتلك الألسنة).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن سعد الطائي قال: (العرش ياقوتة حمراء).
وأخرج سعيد بن منصور ، وأبو الشيخ عن مجاهد قال: (ما أخذت السموات والأرض
من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض فلاة).
أربعة خلقوا بيد الله
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال: (خلق الله أربعة أشياء بيده: آدم ، والعرش
، والقلم ، وجنة عدن ، وقال لسائر الخلق كن فكان).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: (ما يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه ، وإن
السموات في خلق العرش مثل قبة في صحراء).
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
(إن العرش مطوق بحية ، والوحي ينزل في السلاسل).
وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العرش
من ياقوتة حمراء ، وإن ملكا من الملائكة نظر إليه وغلى عظمه ، فأوحى الله إليه:
إني قد جعلت فيك قوة سبعين ألف ملك ، لكل ملك سبعون ألف جناح ، فطر ، فطار الملك
بما فيه من القوة والأجنحة ما شاء الله أن يطير ، فوق ، فنظر فكأنه لم يسر).
وأخرج عن مجاهد قال: (ما موضع كرسيه من العرش إلا مثل حلقة في أرض فلاة).
وأخرج عن الربيع بن أنس في قوله تعالى: {وَالسَّقفِ
المَرفوعِ} قال: هو العرش {وَالبَحرِ المَسجورِ}
قال: الماء الأعلى الذي تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله
تعالى: {وَالبَحرِ المَسجورِ} قال: بحر تحت العرش.
وأخرج أبو الشيخ عن حماد قال: (خلق الله العرش من زمردة خضراء ، وخلق له
أربعة قوائم من ياقوتة حمراء ، وخلق له ألف لسان ، وخلق في الأرض ألف أمة ، كل أمة
تسبح الله بلسان من ألسنة العرش).
وأخرج - بسند واه - عن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(الكرسي لؤلؤ ، والقلم لؤلؤ ، وطول القلم سبعمائة سنة ، وطول الكرسي حيث لا يعلمه
إلا العالمون).
{وَكانَ عَرشُهُ عَلى الماءِ}: وأخرج ابن
أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن الربيع ابن أنس رضي الله عنه قال: {وَكانَ عَرشُهُ عَلَى الماءِ} قال: (لما خلق الله
السموات والأرض قسم الماء الذي كان عليه عرشه قسمين ، فجعل نصفه تحت العرش وهو
البحر المسجور ، فلا تقطر منه قطرة حتى ينفخ في الصور فينزل مثل الطل فتنبت منه
الأجسام وجعل النصف الآخر تحت الأرض السفلى).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من طريق السدى عن أبي مالك قال: (الكرسي
تحت العرش).
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو الشيخ عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (يا أبا ذر ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض
فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: (كرسيه الذي يوضع تحت العرش ، الذي يجعل
الملوك عليه أقدامهم).
وأخرج الفريابي ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم في المستدرك وصححه
على شرط الشيخين عن ابن عباس قال: (الكرسي موضع القدمين ، وله أطيط ، والعرش لا
يقدر أحد قدره) .
وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن أبي موسى الأشعري قال: (الكرسي موضع
القدمين ، وله أطيط كأطيط الرحل).
قلت قوله: موضع القدمين استعارة وتمثيل بملوك الدنيا كما أوضحته رواية
الضحاك عن ابن عباس.
قال: (لو أن السموات ، والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في
سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة).
وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر عن السدى قال: (إن السموات
والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش وهو موضع قدميه).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: (كان الحق يقول: الكرسي هو العرش).
باب ما بين العرش
والسماء السابعة
حجب الله
أخرج أبو الشيخ من طريق عن ابن عمر ، ومن طريق آخر عن مجاهد قال: (بين
العرش وبين الملائكة سبعون حجابا ، حجاب من نار ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من نور ، وحجاب
من ظلمة ، وحجاب من نور ، وحجاب من ظلمة).
وأخرج عن مجاهد قال: (بين العرش والملائكة سبعون ألف حجاب من نور).
يا جبريل هل رأيت ربك؟
وأخرج أبو الشيخ عن زرارة بن أوفى قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل
جبريل: هل رأيت ربك فانتفض وقال: (إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو دنوت من
أدناها لاحترقت) .
وأخرج موصولا من حديث أنس مثله.
وأخرج أبو الشيخ من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (احتجب الله عن
جميع خلقه بأربع بنار وظلمة ، ثم بنور وظلمة من فوق السموات السبع ، والبحر الأعلى
فوق ذلك كله ، تحت العرش).
وأخرج أبو الشيخ عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ، وما تسمع نفس شيئا من حس تلك الحجب إلا
زهقت نفسه).
أنواع الحجب
وأخرج عن القرظي قال: (بلغنا أن بين الجبار - عزوجل - وبين أدنى خلقه أربعة
حجب ، ما بين كل حجابين كما بين السماء والأرض ، حجاب من ظلمة ، وحجاب من نور ،
وحجاب من ماء ، وحجاب من نار بيضاء).
كم المسافة بين الحجاب
والحجاب؟
وأخرج عن وهب بن منبه قال: (بين ملائكة حملة الكرسي ، وبين ملائكة العرش ،
سبعون حجابا من الظلمة وسبعون حجابا من البرد ، وسبعون حجابا من الثلج ، وسبعون
حجابا من النور ، غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام ، ومن الحجاب إلى الحجاب
مسيرة خمسمائة عام).
وأخرج أبو الشيخ - بسند ضعيف - عن ابن عباس قال: (من السماء السابعة إلى
العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام).
نور الشمس ونور العرش
وأخرج عن عكرمة قال: (الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي ، والكرسي جزء
من سبعين جزءا من نور العرش).
باب ما جاء في
اللوح والقلم
قال تعالى: {في لَوحٍ مَحفوظ} ، وقال: {ن وَالقَلمِ}.
وصف اللوح المحفوظ
أخرج أبو الشيخ- بسند جيد- عن ابن عباس قال: (خلق الله اللوح المحفوظ كمسيرة
مائة عام ، وقال للقلم- قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش: اكتب.. فقال القلم: وما
أكتب؟ قال: علمي في خلقي ، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة).
وصف القلم
وأخرج أبو الشيخ من طرق عن مالك بن دينار عن أنس قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (إن لله لوحا ، أحد وجهيه ياقوتة ، والوجه الثاني زمردة خضراء ،
قلمه النور ، فيه يخلق ، وفيه يرزق ، وفيه يحيى ، وفيه يميت ، وفيه يعز ، وفيه
يفعل ما يشاء في كل يوم وليلة).
وأخرج أبو الشيخ والطبراني من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (إن الله
خلق من درة بيضاء ، دفتاه من ياقوتة حمراء وزبرجد ، قلمه نور ، وكتابه نور ينظر
منه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق فيها ويرزق ، ويعز ويذل ، ويفعل ما يشاء).
لا إله إلا الله تدخل
الجنة
وأخرج أبو الشيخ عن طريق أبي ظلال عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (إن لله لوحا من زبرجدة خضراء ، جعله تحت العرش ، وكتب فيه: إني أنا الله لا
إله إلا أنا ، أرحم وأترحم ، جعلت بضعة عشر وثلاثمائة خلق ، من جاء بخُلُق منها مع
شهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة).
في اللوح ثلاثمائة وخمس
عشرة شريعة
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله
لعيه وسلم: (إن بين يدي الله لوحا فيه ثلاثمائة وخمس عشرة شريعة ، يقول الرحمن:
وعزتي وجلالي لا يأتيني عبد من عبادي لا يشرك بي شيئا- فيه واحدة منكن- إلا أدخلته
الجنة).
وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ في تفسيره قال: (إن الله كان عرشه على الماء ،
وخلق السموات والأرض بالحق ، وخلق القلم ، فكتب به ما هو خالق ، وما هو كائن من
خلقه ، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من الخلق).
القلم هو أول شيء خلق
وأخرج أبو يعلى- بسند حسن- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (أول شيء خلقه الله تعالى القلم ، وأمره أن يكتب كل شيء).
ماذا يكتب القلم؟
وأخرح الطبراني- بسند حسن- عن ابن عباس قال: (إن الله خلق العرش فاستوى
عليه ، ثم خلق القلم فأمره أن يجري بإذنه ، وعظم القلم ما بين السماء والأرض فقال:
بم أجري يا رب قال: بما أنا خالق وكائن في خلقي: من قطر أو نبات ، أو خير أو شر-
يعني به العمل- أو رزق أو أجل؛ فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأثبته
الله في الكتاب المكنون عنده تحت العرش).
القلم خلقه الله من نور
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله
تبارك وتعالى أول شيء خلق ، خلق القلم وهو من نور مسيرة خمسمائة عام ، فأمره فجرى
بما هو كائن إلى يوم القيامة).
وأخرج عن مجاهد قال: (خلق الله اليراع أول ما خلق من الأشياء- واليراع
القصب- ثم خلق القلم من ذلك اليراع ثم قال: اكتب ما يكون إلى يوم القيامة).
وأخرج- بسند واه- عن ابن عباس قال: (أول شيء خلق الله عزوجل العرش من نور ،
ثم الكرسي ، ثم لوحا محفوظا من درة بيضاء ، دفتاه من ياقوتة حمراء ، قلمه نور ،
وكتابه نور ، ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق في كل نظرة
، ويحيى ويميت ، ويعز ويذل ، ويرفع أقواما ، ويخفض أقواما ، ويفعل ما يشاء ، ويحكم
ما يريد ، وخلق قلما من نور ، طوله خمسمائة عام ، وعرضه خمسمائة عام قبل أن يخلق
الخلق ، وقال للقلم: (اكتب ، قال: وما أكتب قال: اكتب علمي في خلقي إلى أن تقوم
الساعة ، فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة ، إن كتاب ذلك العلم
على الله يسير هين ، وسنة القلم مشقوقة ، ينبع منه المدد).
باب ما ورد في
السموات السبع والأرضين السبع
قال الله تعالى: {الَّذي خَلَقَ سَبعَ سَمَواتٍ
وَمِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ}.
أخرج ابن مردويه في مسنده ، وأبو الشيخ والبزار بسند صحيح عن أبي ذر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام ،
وغلظ كل منهما مسيرة خمسمائة عام ، كذلك إلى السماء السابعة ، والأرضين مثل ذلك ،
وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك).
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كثف الأرض مسيرة خمسمائة عام ، وكثف الثانية مثل ذلك ، وما بين كل أرضين مثل
ذلك).
الرسول يصف المسافات
بين السماوات والأرض
وأخرج الإمام أحمد في مسنده ، وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، والحاكم ،
وأبو الشيخ عن العباس بن عبد المطلب قال: (كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: أتدرون كم بين السماء والأرض قلنا: الله ورسوله أعلم: قال: بينهما مسيرة
خمسمائة سنة ، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة ، وكثف كل سماء مسيرة
خمسمائة سنة ، وفوق السماء السابعة بحر ، بين أعلاه وأسفله وأظلافهن كما بين
السماء والأرض ، ثم فوق ذلك العرش ، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض).
وأخرج الترمذي ، وابن مردويه ، وأبو الشيخ عن أبي هريرة قال: (كنا جلوسا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت سحابة ، ففال النبي صلى الله عليه وسلم:
(أتدرون ما هذه قالوا: الله وروسوله أعلم.
قال: هذه العنان ، هذه زوايا الأرض يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا
يعبدونه. قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا: اله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك موج
مكفوف وسقف محفوظ ، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:
فإن فوق ذلك سماء أخرى ، ثم قال: هل تدرون ما بينهما قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: فإن بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات ، بين كل سماء مسيرة خمسمائة
عام ، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال فإن فوق ذلك
العرش ، فهل تدرون كم بينهما قالوا: الله ورسوله أعلم ، قال: فإن بين ذلك كما بين
السمائين ، أو كما قال ، ثم قال: ما تدرون ما تحتكم قالوا: الله ورسوله أعلم ،
قال: أرض أخرى ، وبينهما مسيرة خمسمائة عام ، حتى عدّ سبع أرضين ، بين كل أرض
مسيرة خمسمائة عام).
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ قال: {اللهُ
الَّذي خَلَقَ سَبعَ سَمَواتٍ وَمِنَ الأَرضِ مِثلَهُنَّ} وجعل ما بين كل
سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض ، وجعل كثفها مثل ذلك ، وجعل ما بين كل أرض
كما بين السماء الدنيا والأرض ، وكثف كل أرض مثل ذلك ، وكان العرش على الماء ،
فرفع الماء حتى جعل عليه العرش ، ثم ذهب الماء حتى جعله تحت الأرضين السابعة).
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي- في كتاب الرد على الجهمية وابو الشيخ عن ابن
مسعودي قال: (ما بين الأرض والسماء مسيرة خمسمائة عام ، وما بين كل سمائين خمسمائة
عام ،ومصير كل سماء- يعني غلظ ذلك- خمسمائة عام ، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة
خمسمائة عام ، وما بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام).
كيف بدأ الخلق؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: (إن الله
تبارك وتعالى كان عرشه على الماء ، لم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء ، فلما أراد
أن يخلق الخلق ، أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء ، ثم
أييس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد
والإثنين ، فخلق الأرض على الحوت ، والحوت هو النون الذي ذكره تعالى في القرآن
بقوله: {ن وَالقَلَمِ} ، والحوت في الماء ، والماء
على صفاة ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على الصخرة ، والصخرة في الريح ، وهي
الصخرة التي ذكرها لقمان ، ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرك الحوت فاضطرب
فتزلزلت الأرض ، فأرسل عليها الجبال فقرت ، فالجبال تفخر على الأرض وذلك قوله
تعالى: {وَألقى في الأَرضِ رَواسِيَ أَن تَميدَ بِكُم}
، وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين: الثلاثاء
والأربعاء {ثُمَّ اِستَوى إِلى السَماءِ وَهِيَ دُخانٌ}
وذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع سموات
في يومين: الخميس والجمعة ، وإنما سمى يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض
{وَأوحَى في كُلِّ سَمَاءٍ أَمرَها} قال: خلق في
كل سماء خلقا من الملائكة ، والخلق الذي فيها من البحار والجبال وجبل البر ، وما
لا يعلم ثم زين السماء الدنيا بالكواكب ، فجعلها زينة وحفظا يحفظ من الشياطين).
كيف فتق الله السموات
والأرض؟
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {كانَتا
رَتقاً فَفَتقَناهُما} قال: (كانت السموات والأرضون ملتزقتين ، فلما رفع
السماء وأنبذها من الأرض فكان فتقها الذي ذكر الله) .
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {كانَتا رَتقاً
فَفَتقناهُما} قال: (من الأرضين معها ست فتلك سبع أرضين) ومن السماء ست
سموات فتلك سبع سموات).
السماء قبة
وأخرج عن إياس بن معاوية قال: (السماء مقببة على الأرض مثل القبة).
وأخرج عن وهب قال: (شيء من أطراف السماء محدق بالأرضين ، والبحار كأطراف
الفسطاط).
وأخرج ابن أبي حاتم عن جرير بن مطعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن
الله على عرشه ، وعرشه على سمواته ، وسمواته على أرضه هكذا ، وقال بأصبعه: مثل
القبة).
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى: {وَالسَّماءَ
بِناءً} قال: بناء السماء على الأرض كهيئة القبة وهي سقف على الأرض).
وأخرجن ابن جرير عن ابن عباس وناس من الصحابة في قوله تعالى: {وَالسَماءَ بِناءً} قال: (عَلى سقف الأرض كهيئة القبة).
السماء موج
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: (قال رجل: يا رسول: ما
هذه السماء قال: هذا موج مكفوف عنكم).
صفات السموات السبع
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده ، والطبراني في الأوسط ، والترمذي ، وابن
المنذر ، عن الربيع بن أنس قال: (السماء الدنيا: موج مكفوف ، والثانية: مرمرة
بيضاء ، والثالثة: حديد ، والربعة: نحاس ، والخامسة: فضة ، والسادسة: ذهب ،
والسابعة: ياقوتة حمراء).
وأخرج أبو الشيخ- بسند واه- عن سلمان الفارسي قال: (السماء الدنيا: من
زمردة خضراء واسمها رقيعاء ، والثانية: من فضة بيضاء واسمها أزقلون ، والثالثة: من
ياقوتة حمراء واسمها قيدوم ، والرابعة: من درة بيضاء واسمها ماعونا ، والخامسة: من
ذهبة حمراء واسمها ريقا ، والسادسة: من ياقوتة صفراء واسمها دقناء ، والسابعة: من
نور واسمها عريبا).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس من قوله تعالى: {وَالسَماءِ
ذاتِ الحُبُكِ} قال: (ذات البهاء والجمال وإن بنيانها كالبرد المسلسل).
وأخرج عن الحسن في الآية قال: (ذات الخلق الحسن مجملة بالنجوم).
وأخرج عن أبي صالح في الآية قال: (ذات الخلق الشديد).
السماء الدنيا والسابعة
وأخرج عن علي بن أبي طالب قال: (اسم السماء الدنيا رقيع ، واسم السابعة
الضراح).
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب- الرد على الجهمية- عن عبد الله بن
عمرو قال: (لما أراد الله أن يخلق الأشياء إذ كان عرشه على الماء ، وإذ لا أرض ،
ولا سماء ، خلق الريح ، فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه ، وأثار ركامه ، فأخرج
من الماء دخانا وطينا وزبدا ، فأمر الدخان فعلا وسما ونما ، فخلق منه السموات ،
وخلق من الطين الأرضين وخلق من الزبد الجبال).
في أي الأيام خلقت
السموات؟
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن سلام قال: (خلق الله السموات يوم الخميس
والجمعة ، وأوحى في كل سماء أمرها).
وأخرج عن مجاهد قال: (خلق الله الأرض قبل السماء فلما خلق الأرض ثار منها
دخان فذلك قوله: {ثُمَّ اِستَوى إِلى السَماءِ فَسواهُنَّ
سَبعَ سَمَواتٍ} ، بعضهن فوق بعض وسبع أرضين بعضهن تحت بعض).
وأخرج أبو الشيخ عن حسان بن عطية قال: (الأرض التي تحت هذه فيها حجارة أهل
النار ، والتي تليها الريح العقيم ، والتي تليها عقارب أهل النار ، والتي تليها
حيات أهل النار ، والتي تليها إبليس الأباليس).
وأخرج عن الدارمي قال: (الريح العقيم في الأرض الثانية ، والثالثة فيها
حجارة النار ، والرابعة فيها عقارب النار ، والخامسة فيها حيات النار ، والسادسة
فيها كبريت النار ، والسابعة فيها إبليس).
ما سجين؟
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد: (سجين صخرة تحت الأرض السابعة في جهنم تقلب
فيجعل كتاب الفاجر تحتها).
وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عمرو مرفوعا: (الأرض الرابعة فيها كبريت
جهنم ، والخامسة فيها حيات جهنم ، والسادسة فيها عقارب جهنم).
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال: (إن على الأرض الرابعة ، وما تحت الأرض
الثالثة من الجن ما لو أنهم ظهروا لكم لم تروا معهم نور الشمس ، على كل زاوية منها
خاتم من خواتيم الله ، على كل خاتم ملك من الملائكة ، يبعث الله كل يوم ملكا من
عنده أن احتفظ بما عندك).
وأخرج البزار ، وابن عدي ، وأبو الشيخ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه
وسلم سئل عن الأرض: على ما هي؟ قال: (على الماء. قيل: أرأيت الماء على ماهو قال:
على صخرة خضراء. قيل: أرأيت الصخرة على ما هي قال: على ظهر حوت يلتقي طرفاه
بالعرش. قيل: أرأيت الحوت على ما هو قال: على كاهل ملك قدماه في الهواء).
وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال: الأرضون السبع على صخرة ، والصخرة في كف ملك ،
والملك على جناح الحوت ، والحوت في الماء ، والماء على الريح ، والريح على الهواء
، ريح عقيم لا تلقح ، وإن قرونها معلقة بالعرش).
وأخرج أبو الشيخ من طريق السدي عن أبي مالك قال: (الصخرة التي تحت الأرض
منتهى الخلق ، على أرجائها أربعة أملاك ورؤوسهم تحت العرش).
وأخرج أيضا عنه قال: (إن الأرضين على حوت ، والسلسلة في أذن الحوت).
وأخرج أبو الشيخ عن وهب في قوله: {يَومٍ كانَ
مِقدارُهُ خَمسينَ أَلفَ سَنَةٍ} قال: (هو ما بين أسفل الأرض إلى العرش).
الناس أكثر أم يأجوج
ومأجوج؟
وأخرج أبو الشيخ عن وهب في قول عبدة بن أبي لبابة قال: (الدنيا سبعة
أقاليم: فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم ،وسائر الناس في إقليم واحد).
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي- في الرد على الجهمية- عن ابن عباس قال: (سيد
السموات التي فيها العرش ، وسيد الأرضين الأرض التي أنت عليها).
يتبع.....................