أزمة صواريخ كوبا الرئيس كينيدي مجتمعا مع مجلس الوزراء خلال أزمة الصواريخ الكوبية
أزمة الصواريخ الكوبية كانت مواجهة مابين
الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي مع
كوبا خلال
الحرب الباردة. وتسمى تلك الأزمة في روسيا
أزمة الكاريبي،
قالب:روسية أو
Karibskiy krizis، بينما في كوبا تسمى
أزمة أكتوبر. وتقارن بحصار برلين كواحدة من أشد المواجهات خلال الحرب الباردة، وتعتبر بأنها أقرب لحظة للوصول إلى
الحرب النووية.
كان الخوف مسيطرا
بهافانا من أي تدخل عسكري أمريكي لكوبا
[1]. وهذا التهديد من الغزو أصبح واقعا في ابريل 1961 عندما نزلت شواطئ كوبا مجموعة من المنفيين الكوبيين من معارضي لحكم
كاسترو ومدربين بواسطة
السي أي ايه. ولكن سرعان ماأحبط هذا الغزو بواسطة القوات الكوبية، وقد كان كاسترو مقتنعا بأن الأمريكان سيغزون بلده
[1]. وبعد هذا الغزو بفترة قصيرة أعلن كاسترو بأن كوبا أضحت دولة
اشتراكية، وبدأ بإنشاء علاقات رسمية مع الاتحاد السوفياتي وبتطوير الجيش الكوبي.
كانت الولايات المتحدة قلقة من تبني أي دولة منهج اشتراكي أو
شيوعي،ولكن أن تتحالف دولة من دول أمريكا اللاتينية مع الإتحاد السوفييتي فهذا
شيء مرفوض تماما، نظرا للعداء الروسي الأمريكي والذي يعود تاريخه إلى حقبة
مابعد
الحرب العالمية الثانية.
في أواخر 1961 تورط كنيدي بما يسمى عملية النمس (Operation
Mongoose) وهي مجموعة من العمليات السرية ضد حكومة كاسترو التي اثبتت فشلها
[1]. في فبراير 1962 وبطريقة مكشوفة أعلنت الولايات المتحدة الحظر الإقتصادي الكامل على كوبا.
[1].
كما فكرت الولايات المتحدة بهجوم عسكري مباشر. وعرض القائد سلاح الجو
(كورتيز ليماي) على كنيدي خطة بتفجيرات في سبتمبر، في حين يقوم سلاح
الطيران بعمليات جوية للتجسس ويتحرش عسكريا منطلقا من قاعدة جوانتانامو
البحرية.
وقد لاحظت كوبا وجود إشارات تحضير أمريكية لمواجهة وشيكة وذلك في
سبتمبر 1962 مما استوجب قلقها من غزو وشيك، إضافة اصدار قرار مشترك من
الكونغرس يجيز استخدام القوة العسكرية في كوبا اذا ما تعرضت مصالح اميركا
للتهديد
[1]، وإعلان أمريكا عن تمرينات عسكرية بالبحر الكاريبي كان قد خطط لها بالشهر التالي (سميت عملية ورتساك وهو اسم كاسترو مقلوبا).
بدأت الأزمة في 8 أكتوبر 1962، ووصلت ذروتها في 14 أكتوبر عندما
أظهرت صور استطلاع التقطت من طائرة التجسس الأمريكية U-2 عن وجود قواعد
صواريخ مبنية في كوبا، وقد انتهت الأزمة بعدها بإسبوعين في 28 أكتوبر
عندما توصل كلا من الرئيس الأمريكي
جون كندي وأمين عام الأمم المتحدة يوثانتإلى اتفاق مع السوفييت لإزالة الصواريخ الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات
المتحدة بعدم غزو كوبا والتخلص بسرية من الصواريخ البالستية المسماة
بجوبيتر (PGM-19 Jupiter) و ثور (PGM-17 Thor) في
تركياواتفق الطرفان على ابقاء أمر ازالة الصواريخ الأمريكية من تركيا سرا لا
يعرفه أحد و بالتالى كسبت الولايات المتحدة نصرا دعائيا بقدرتها على انفاذ
ارادتها على السوفيت.
وفي أول خطاب له عن تلك الأزمة، أطلق كنيدي بتاريخ 22 أكتوبر 1962 إنذاره الرئيسي:
ستكون سياسة هذه الأمة إزاء أي صواريخ نووية تنطلق من كوبا ضد أي دولة
في النصف الغربي هجوما على الولايات المتحدة، وستكون ردة الفعل الإنتقامية
كاملة على الاتحاد السوفياتي[1]
وقد شمل هذا الخطاب على خطوط سياسية رئيسية أخرى، بدأت ب:
لوقف هذا الحشد العدواني، سنحجر وبصرامة على جميع المعدات العسكرية
العدائية التي يجري شحنها إلى كوبا. جميع السفن المتجهة إلى موانئ كوبا
والقادمة من أي جهة كانت، فإذا وجد أنها تحتوي على شحنات من أسلحة عدوانية
فسنعيدها. هذا الحجر سوف يتم توسعته إن اقتضت الضرورة ليشمل أنواع أخرى من
البضائع والنقليات. نحن لانريد أن نمنع أي ضرورات انسانية وفي هذا الوقت
بالذات كما حاول السوفييت فعله عندما حاصروا برلين عام 1948.
أمر بتكثيف الرقابة، وأشاد بالتعاون من وزراء خارجية
منظمة البلدان الأمريكية.
وقال:"أمرنا الجيش للتحضير لجميع الإحتمالات، وإنا على ثقة من أن مصلحة كل
من الشعب الكوبي والفنيين السوفييت في تلك المواقع، أن يعرفوا الأخطار
التي ستصيب جميع الأطراف إذا استمر التهديد." وقد قدم طلب لإجتماع عاجل في
منظمة البلدان الأمريكية
ومجلس الأمن للنظر في هذا الموضوع
[1].
if (window.showTocToggle) { var tocShowText = "إظهار"; var tocHideText = "إخفاء"; showTocToggle(); }
ميزة الولايات المتحدة النووية حتى عام 1962 فإن ماتملكه الولايات المتحدة من القنابل والرؤوس الحربية
أكثر بثماني مرات مما يملكه الإتحاد السوفييتي: 27,297 مقابل 3,332
[1].
كتب المؤرخ (ميلمان) قبل أن يتم القبض على (أوليج بنكوفسكي) العقيد
بالمخابرات السوفييتية العامة في اليوم الأول من الأزمة، وهو جاسوس
لبريطانيا وأمريكا، قائلا: "خلال وقائع محاكمته في ابريل 1963 أظهر بأنه
سلم 5,000 علبة أفلام من المعلومات التقنية السوفييتية، هذا عدا سكره
الشديد مع عملاء الإستخبارات الغربيين خلال رحلاته العديدة لأوربا
الغربية". وقد استنتج السوفييت بأن الأمريكان قد استحوذوا على معلومات
حاسمة جدا عن أسلحتهم وإستخباراتهم، لذلك فالإتحاد السوفييتي لم يعد يثق
بقدرة درعه النووي
[1].
قد لا تتناسب مقدرة السوفييت بالتعامل مع قاذفات القنابل الأمريكية ولكنهم استعاضوا عنها بالصواريخ
[1]. وبعد اطلاق القمر الصناعي السوفييتي
سبوتنك، انتقل الأمريكان من القاذفات المأهولة إلى صناعة الصواريخ التي لم يكن لها أولوية للإهتمام، فطوروا
الصواريخ العابرة للقارات المسماة اختصارا (ICBMs)
[1].
المحاكاة الحاسوبية للعالم
جون فون نيومان ساعدت الصواريخ الأمريكية والرؤوس النووية الخفيفة والإقتصادية
[1]. فالصاروخ السوفييتي الثقيل
سميوركا R-7 Semyorka (276 طن) ينقل رأس حربي (3طن) أي 3 ميجاطن مسافة 5,800 ميل (9,330 كم)، بالمقابل الصاروخ الأمريكي
أطلس Atlas وزنه (130 طنا) ينقل رأسا حربيا (1.5 طن) أي 3.8 ميجاطن مسافة 11,500 ميل (18,510 كم)
[1].
بتاريخ 24 أكتوبر 1960 وخلال كارثة نيديلين (Nedelin catastrophe)
قتل العديد من علماء الصواريخ السوفييت مما سبب بتعطيل مشروع الصواريخ
البالستية
R-16 لمدة سنة. وخلال أزمة الصواريخ الكوبية لم يكن
للروس من صواريخ إلا أربعة من R-7 وعدد محدود من R-16 منتشرة في منصات
سطحية مكشوفة وسهلة التعرض لهجوم، بينما يمتلك الأمريكان 142 من أطلس و62
من صواريخ
تيتان Titan-I البالستية، أغلبها مثبت بصوامع تحت الأرض
[1].
ملف:Jupiter Launch.jpg صاروخ جوبيتر بالستي متوسط المدى لحظة ارتفاعه عن الأرض
علاوة على ذلك، ففي يوليو 1960، صار بإمكان الولايات المتحدة اطلاق
صواريخ بولاريس عابرة القارات لمسافة 1,000-ميل (1,600 كم) من
غواصاتها المنتشرة بالبحار
[1]، بينما إسطول الغواصات السوفيتي لديه حوالي 100 من الصواريخ العابرة
في 1 والتي لاتطلق إلا عند خروج الغواصة إلى السطح مما يفقدها خاصية الإختفاء أو الغمر تحت الماء.
قبل حدوث الأزمة بعام، خدع الزعيم السوفييتي
نيكيتا خروشوف كنيدي ببرنامج قنبلة تسار ذات قوة 50 ميغا طن، والذي يعتبر أعظم قوة نووية تفجيرية بالتاريخ
[1]، ثم استغل التحالف الكوبي السوفييتي الجديد لوضع صواريخ نووية ذات مدى يغطي جميع المدن الأمريكية
[1]. خلال حملة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية عام 1960 أبلغ ألان دالاس رئيس
CIA كلا من
جون كنيدي ونائبه
ليندون جونسونعلى القدرة النووية للإتحاد السوفييتي المسماة بالغطاء الصاروخي "وقد كانت
قليلة الأهمية قبل أن يثيرها كنيدي خلال حملته الإنتخابية"
[1].
وفي عام 1961 نشرت الولايات المتحدة 15 صاروخ جوبيتر بالستي متوسط المدى بمدينة
أزمير التركية ومداها 1,500-ميل (2,410 كم) مستهدفة المدن الغربية للإتحاد السوفييتي بما فيهم
موسكوالتي تبعد عنها ب 15 دقيقة ولكن كيندي قلل من أهميتها الإستراتيجية نظرا
لأن الغواصات التي تحوي الصواريخ البالستية تعطي نفس الدرجة من التهديد
وعلى بعد أيضا.
وقد بادر خروتشوف بالتعبير عن غضبه واعتبر وجود الصواريخ بالأراضي
التركية عدوانا شخصيا، لذلك فوجود الصواريخ الكوبية -وهي أول صواريخ توضع
خارج الإتحاد السوفييتي- كانت ردة فعل على وجود الصواريخ النووية
الأمريكية بالأراضي التركية.
عملية أنادير كان الجو السائد سواءا السياسي و العسكري متخوفان من عملية غزو أمريكي
محتملة لكوبا، وأدى ذلك لخروتشوف بالموافقة لتزويد كوبا بصواريخ أرض جو
وأرض أرض في أبريل 1962، وقد أتبع ذلك بقرار وضع صواريخ نووية -بسيطرة
سوفييتية- في جزيرة كوبا في مايو 1962، ولم ينقض شهر يوليو حتى كان هناك
أكثر من 60 سفينة سوفييتية وصلت كوبا محملة بالتجهيزات العسكرية.
ملف:Il-28 RB1.jpg طائرة اليوشن الهجومية قد تم نشرها بطريقة سرية في كوبا
عملية أنادير هو الإسم الرمزي الذي استخدمه
السوفييت لعملية فائقة السرية لنشر
الصواريخ البالستية، والقاذفات متوسطة المدى وفوج من
المشاة الميكانيكية في كوبا لإنشاء قوة سوفييتية تكون قادرة على منع أي غزو عسكري أمريكي محتمل
[1].
وقد احتوت العملية على حملة خداع عسكرية واسعة لتضليل الإستخبارات
الغربية، وذلك بإرسالها كمعدات قطبية للتدريب على الطقس البارد والمتجمد،
والعملية سميت بإسم نهر أنادير الموجود بأقصى الشرق من
سيبيريا، والصواريخ الباليستية قد تم شحنها بواسطة سفن تجارية.
وقد كان المخطط لنشر 60,000 جندي وثلاث أفواج من صواريخ R-12
وفوجين من صواريخ يوسوفايا R-14. الجنود قد تم نقلهم بواسطة 86 سفينة,
وجرى عمل 180 رحلة من موانئ
بالتييسك وليبايا
وسيفاستوبول وفيودوسيا ونيكولاييف وبوتي
وميورمانسك. مابين 17 يونيو و 22 أكتوبر تم نقل 24 منصة إطلاق, و42 من صواريخ R-12 بالإضافة إلى 6 قطع للتدريب، وبعض من 45 من
الرؤوس النووية و42 من قاذفات اليوشن وفوج من
الطائرات المقاتلة (40 طائرة
ميغ 21)،
وفرقتين من
الدفاع الجوي السوفييتي, وأربعة أفواج مشاة ميكانيكية وغيرها من الوحدات العسكرية (قد يصل مجموعها 47,000 جندي).
التقارير الأمريكية المبكرة أبلغت
الإستخبارات الفرنسية مدير
السي أي ايه جون ماكون خلال شهر عسله
بباريسبأن السوفييت ينصبون صواريخ في كوبا. وقد أنذر بدوره الرئيس كيندي بأن بعض
السفن السوفييتية تحمل تلك الصواريخ، ولكن كنيدي استنتج بعد نقاش مع كل من
أخيه
النائب العام روبرت كيندي ووزير الخارجية
دين راسكووزير الدفاع روبرت ماكنمارا بأن السوفييت لن يفعلوا ذلك. وقد استلمت
الحكومة الأمريكية رسائل نفي دبلوماسية متكررة من السوفييت بأنه لا توجد
صواريخ سوفيتية في كوبا ولن يخططوا لوضعها هناك، هذا ولم يكن الروس ميالين
بإثارة مواجهة دولية تؤثر على سير
الإنتخابات النيابية الأمريكية في نوفمبر
[1].
في أواخر أغسطس أظهرت صور لطائرات إستطلاع مجموعة جديدة لمواقع مبنية من
صواريخ سام، ولكن في 4 أكتوبر 1962 أبلغ كيندي
الكونغرس الأمريكيبأنه لا يوجد صواريخ هجومية في كوبا. وفي نفس اليوم قابل روبرت كيندي
السفير السوفييتي. وفي نفس المقابلة عبر عن قلق أمريكا حيال أي صواريخ
نووية في كوبا. وقد طمأنه السفير الروسي بأنها دفاعية وأن الإستحكامات
العسكرية هي غير ذات أهمية. وبعدها بأيام أظهرت صور استطلاعية جوية مرة
اخرى
مبانيوأحواض محصنة لغواصات
مموهة بأنها قرية لصيادي اسماك. وفي 11 سبتمبر قال السوفييت علنا بانهم
ليسوا بحاجة لوضع أسلحة نووية خارج الإتحاد السوفييتي بما فيهم كوبا.
وبذات اليوم اتصل خروتشوف شخصيا بكيندي وأبلغه بأنه لن توضع أي أسلحة
هجومية في كوبا
[1].
رحلات U-2 والإكتشاف صورة استطلاعية لصواريخ نووية سوفييتية في كوبا. ويرى الشاحنات والخيام للتعبئة والصيانة
وصلت الدفعة الأولى من صواريخ SS-3 باليستية متوسطة المدى في مساء 8
سبتمبر، وتبعتها الدفعة الثانية بتاريخ 16 سبتمبر. وقد أتم السوفييت بناء
9 مواقع لتلك الصواريخ، 6 لصواريخ SS-4، وثلاث مواقع لصواريخ SS-5 ذات مدى
2,400-ميل (3,900 كم). الترسانة المخطط لها كانت 40 منصة، ستزداد 70 ٪ في
حالة الضربة الأولى. ولاحظ السكان الكوبيين ذلك وأرسلوا مئات التقارير إلى
ميامي، وقد اعتبرتها المخابرات الأمريكية انها مزيفة
[1].
بتاريخ 8 أكتوبر وفي
الجمعية العامة للأمم المتحدة،قال الرئيس الكوبي إزفالدو دورتيكوس (1919-1983) خلال خطابه: إذا تعرضنا
لهجوم، سندافع عن أنفسنا. وسأقولها مرة أخرى، لدينا ما يكفي من الوسائل
لدفاع عن انفسنا، فلدينا أسلحة حاسمة، وإن كنا لانفضل أن نحوز تلك الأسلحة
أو استعمالها.
هناك العديد من القضايا ليست بذات علاقة مع الصواريخ ولكنها لم تكتشف حتى
يوم 14 أكتوبر، عندما أظهرت طائرات ال U-2 بناء لمواقع الصواريخ SS-4
بالقرب من سان كريستوبال بغربي كوبا.
خطط ردة الفعل الأمريكية إطلع كيندي على الصور في 16 أكتوبر
[1]،
فاجتمع مع اللجنة التنفيذية لمجلس الأمن الوطني، وهم 14 شخصا بالإضافة
لأخيه روبرت في الساعة 9:00 صباحا، ولم يكن للحكومة أي خطة عمل للرد على
مثل هذا التهديد، والسبب هو أن المخابرات الأمريكية كانت مقتنعة بأن
السوفييت لن يضعوا أي صواريخ نووية في الأراضي الكوبية. وقد ناقشت تلك
اللجنة خمس خطوات قابلة للتنفيذ:
- لن يعملوا أي شيء.
- استعمال الضغوط الدبلوماسية لحث الإتحاد السوفييتي على إزالة صواريخه.
- استخدام القصف الجوي لضرب الصواريخ.
- غزو عسكري شامل.
- حصار بحري لكوبا، وقد أعتمد استخدامه بحظر أكثر تشدد[1].
وقد اتفق جميع الأعضاء بأن الحل الوحيد هو عمل هجوم واسع النطاق وغزو
كوبا. واعتقدوا بأن السوفييت لن يحركوا ساكنا لوقف الغزو الأمريكي لكوبا،
ولكن كيندي كان متشككا بذلك قائلا:
هؤلاء أكثر منا نحن، الذين يستطيعون ترك هذه الأمور تمر بسلام بدون عمل
شيء. وبعد كل ما فعلوه فهل يسمحوا لنا بأخذ صواريخهم وقتل خبرائهم ثم
يتركوننا دون فعل شيء؟ فإذا لم يفعلوا شيئا بكوبا فبالتاكيد سيفعلونها في برلين[1]
خلص كيندي بأن الهجوم الجوي سيجعل السوفييت مقتنعين بأنهم أخذوا الضوء
الأخضر لإحتلال برلين. بالإضافة إلى ذلك فإن حلفاء الولايات المتحدة
سيكونون مقتنعين أيضا بأنهم خسروا برلين لأن الولايات المتحدة لم تتمكن من
وضع حل سلمي للقضية الكوبية.
كنيدي مع وزير دفاعه ماكنمارا
دعم روبرت ماكنماراالحصار البحري بشكل قوي مع امكانيات عسكرية محدودة لإبقاء الأمريكان مسيطرين على الوضع.
وبتاريخ 18 أكتوبر قابل كيندي وزير الخارجية السوفييتي
أندريه جروميكوالذي شدد على أن لايوجد أسلحة هجومية في كوبا وأن الوجود السوفييتي هو فقط
لإصلاح الأراضي والدفاع. ولكن كيندي كان مطلعا وبشكل واسع على القدرات
السوفييتية عن طريق المنشق السوفييتي (أولغ بنكوفسكي)
[1]. وبالتحديد فهو على علم بأن السوفييت يمضون ببطء في تطوير
صواريخ عابرة للقاراتلذا سيستفيدون من وضع صواريخ في كوبا ذات مدى متوسط وهي (SS-4 Sandal حسب
تسمية الناتو وإسمها الحقيقي هو R-12 Dvina) و (SS-5 Skean حسب تسمية
الناتو واسمها الحقيقي هوR-15 Chusovaya) كمقابل لصواريخ PGM-19 Jupiter
الموجودة
بتركيا وإيطاليا وصواريخ PGM-17 Thor متوسطة المدى
بالمملكة المتحدة. لكن توزيع الصواريخ عابرة القارات الأمريكية كان من التنظيم بحيث أن الصواريخ متوسطة المدى مهملة ولا تستخدم إلا كأوراق مساومة.
تمكنت رحلات U-2 التجسسية بتاريخ 19 أكتوبر من تصوير 4 مواقع عمليات. وقد أرسلت الفرقة المدرعة الأولى إلى
ولاية جورجيا وتم رفع درجة التأهب في خمس
فرق عسكرية إلى الدرجة القصوى. ووزعت القيادة الجوية الاستراتيجية (SAC)
قاذفات القنابل B-47 قصيرة المدى على مطارات مدنية، وجعلت قاذفات القنابل
بي-52تحلق عاليا وبشكل مستمر، وكليهما في حالة تأهب قصوى عند الهجوم، النقطة
المهمة لطائرات البي 52 هي أنها غير معرضة لخطر الهجوم على قاعدتها. أما
تشتيت طائرات B-47 فيجعل مهمة العدو الإفتراضي صعبة جدا لكي يهاجم جميع
المطارات التي تحتوي على قاذفات قنابل.
أظهر اجتماع آخر للجنة التنفيذية لمجلس الأمن الوطني بأن عدد
ضحايا الضربات الجوية سيكون مابين 10,000 إلى 20,000 شخص. وقد اكتشفت رحلة
استطلاع أخرى قاذفات وصواريخ عابرة بالساحل الشمالي لكوبا، مما أعطى كيندي
الأوامر بحصار كوبا
[1]. وعندما استفسر منه الإعلام عن طبيعة تلك الأسلحة الهجومية قال لهم بأنه حظر تلك التقارير إلى مابعد خطابه للأمة، وقد أبلغ
بريطانيا وباقي الحلفاء بنفس الليلة.
تنفيذ الحظر الحصار بالأعراف الدولية المعتادة هو منع جميع السفن من الدخول إلى
المنطقة المحاصرة، ويعتبر نوع من أنواع الحروب. لذلك فالحظر يكون أكثر
انتقائية كما بتلك الحالة، ويكون محدودا للأسلحة الهجومية فقط. بينما
الوثائق الرسمية
للبحرية الأمريكية تستخدم مصطلح حصار. هنا وثيقة
للأدميرال جورج أندرسون آمر البحرية الأمريكية:
في البداية كانت المشاركة لفرض حصار بحري ضد أي أسلحة هجومية خلال نطاق منظمة البلدان الأمريكية ومعاهدة ريو.
وقد يتوسع هذا الحصار ليشمل جميع أنواع البضائع وأيضا النقل الجوي. هذا
العمل يدعم الرقابة على كوبا، فمهمة آمر البحرية الأمريكية هي المتابعة عن
كثب لما يسمى تنفيذ الحظر[1].
للتمييز مابين حظر الأسلحة الهجومية مقابل حظر المواد الأخرى، وفي
إشارة إلى أن الحصار التقليدي لم يكن هدفه الأساسي. بما أن الحظر يجري
بالمياه الدولية فالرئيس كيندي أخذ الموافقة من (منظمة البلدان الأمريكية)
للعمل العسكري حسب نصوص معاهدة ريو للدفاع عن نصف الكرة الغربي.
اشتراك أمريكا اللاتينية بالحظر من خلال ابلاغ قائد عمليات جنوب
المحيط الأطلسي [COMSOLANT] بإشراك الأرجنتين بمدمرتين حيث ستكون في
ترينيداد في 9 نوفمبر، بالإضافة إلى غواصة وكتيبة مشاة بحرية مع توفير
رافعة إن تطلب الأمر لها. وابلغ قائد [COMSOLANT] ايضا بإرسال فنزويلا
لمدمرتين وغواصة ستكون جاهزة للإبحار في 2 نوفمبر. حكومة ترينيداد وتوباكو
عرضت قاعدتها البحرية للإستخدام من قبل دول أمريكا خلال الحظر. ووفرت
جمهورية الدومينيكان سفينة حراسة. وأبلغت كولومبيا باستعدادها لتجهيز
وحدات وسترسل ضباط عسكريين إلى الولايات المتحدة لمناقشة الإستعدادات. وقد
وفر سلاح الطيران الإرجنتيني 3 طائرات إضافية للمشاركة بعمليات الحظر
[1].
الرئيس كيندي يوقع على وثيقة إعلان منع تسليم أي أسلحة هجومية لكوبا في
البيت الابيض وذلك بتاريخ 23 أكتوبر 1962
بالساعة السابعة مساءا ألقى الرئيس كيندي خطابا متلفزا بالإعلان عن اكتشاف الصواريخ.
تفاقم الأزمة في الساعة 11:24 صباحا وصلت برقية إلى سفيري أمريكا في تركيا والناتو
تخبرهم بأن يأخذوا بعين الاعتبار تقديم عرض لسحب الصواريخ من تركيا مقابل
الانسحاب من كوبا. وبعد ذلك، في صبيحة 25 أكتوبر كتب أحد الصحفيين في
عموده نفس العرض السابق، وقد فسر ذلك بأنه بالون اختبار طرحته إدارة
كينيدي لجس النبض.
بالوقت الذي استمرت الأزمة بدون توقف، أفادت وكالة الأنباء
تاس هذا المساء عن تبادل الرسائل مابين خروتشوف و
بيرتراند راسل،حيث حذر خروشوف من ان "قرصنة" الولايات المتحدة قد تؤدي إلى الحرب. لكن
أعقب ذلك برقية في الساعة 9:24 مساءا من خروشوف إلى كنيدي والتي تم
استلامها في الساعة 10:52 مساءا والتي ذكر فيها "إذا كنت تقيس الحالة التي
وصلت بهذا البرود وبدون فسح المجال للمشاعر، فستعلمون أن الاتحاد
السوفياتي لا يسعه إلا الرفض لمطالب الولايات المتحدة العبثية"، ويرى
الإتحاد السوفييتي أن الحصار هو عمل عدواني وأصدر التعليمات لسفنه
بتجاهله.
أصدرت قيادة القوات المشتركة في مساء 23 أكتوبر تعليمات إلى
القيادة الجوية الإستراتيجية بالتجهيز لحالة الإستعداد الثانية (DEFCON
2)، ولهذه المرة فقط بتاريخ العسكرية تم تعمد إرسال الرسالة واستقبالها
بدون
تشفير، لكي يسمحوا للعملاء السوفييت بإلتقاطها
[1]. انشأ
سلاح الطيران وبسرعة منظومة
رادار للإنذار المبكر ومكونة من ثلاث قواعد رادار للإنذار المبكر لمراقبة قواعد الصواريخ في كوبا وقد تم اعطائها رمز
عملية أوراق الخريف (
Operation Falling Leaves)
وقد كانت نسخ تلك المنظومة الرادارية تجريبية في ذلك الوقت. وكل قاعدة
رادار متصلة بخط ساخن مع قيادة الدفاع الجوي لشمال أمريكا أو إختصارا
NORAD.
بالساعة 1:45 صباحا رد كيندي على برقية خروتشوف، مبينا بأن
الولايات المتحدة قد أجبرت على تلك الخطوة بعد استلامها تأكيدات متكررة من
طرفكم بأنه لايوجد صواريخ هجومية في كوبا، وقد تبين أن التطمينات كانت
مجرد هراء، والإنتشار "تطلب مني ردة الفعل التي أعلنتها... وأرجو من
حكومتكم أن تفعل الخطوات الضرورية للسماح بالعودة إلى الوضع السابق."
ملف:Location of Navy and Soviet ships during the Cuban Missile Crisis.jpg صورة لخريطة كشفت مؤخرا واستخدمتها البحرية الأمريكية تبين مواقع من السفن الاميركية والسوفياتية في ذروة تلك الأزمة
بالساعة 07:15 صباحا حاولت كلا من حاملة الطائرات
اسكس Essex و
جيرنغ Gearingاعتراض السفينة بوخارست ولكنهم لم يستطيعوا منعها، لكن وإلى حد ما لم تكن
بالناقلة أي مواد عسكرية وقد سمح لها بالمرور خلال الحصار. وبالساعة
ال5:43 مساءا أمر قائد القوة المحاصرة الحاملة كيندي بإعتراض وتفتيش سفينة
الشحن اللبنانية
Marcula. وتم العمل بذلك باليوم التالي وفحصت السفينة ثم سمح لها بالمرور إلى كوبا بعد تفتيشها.
بالساعة 5:00 مساءا أعلن دين رسك بأن العمل بنصب الصواريخ الموجودة
بكوبا لا يزال يمضي على قدم وساق. وقد تم التحقق من هذا التقرير لاحقا عن
طريق تقارير السي أي إيه والتي تقول بأن لا يوجد هناك أي تخفيض بمستوى
البناء إطلاقا.
في صباح اليوم التالي، أبلغ كيندي اللجنة التنفيذية بأنه بات
متأكدا بأن إزالة الصواريخ من كوبا لن يكون إلا بالغزو، ولكنه سوف يعطي
فرصة للإستمرار بالضغط العسكري والدبلوماسي. وقد أعطى الأمر بالموافقة على
زيادة رحلات الطيران المنخفض فوق الجزيرة من مرتين باليوم إلى مرة كل
ساعتين. وأمر بعمل برنامج مكثف لتأهيل حكومة مدنية جديدة في حال إتمام
الغزو.
يبدو أن الأزمة وبشكلها الحالي في طريق مسدود. فالسوفييت لم يعطوا
أي إشارة بالتراجع بل واعطوا تلميحات معاكسة. والأمريكان ليس لديهم سبب
للإعتقاد بخلاف ذلك ثم أنهم بالمراحل الأولى من التجهيز بالغزو. إلى جانب
ضربة نووية للاتحاد السوفييتي في حال كانت ردة فعلهم عسكرية.
[1] مفاوضات سرية بالواحدة ظهرا طلب أحد اعضاء الإستخبارات السوفييتية من الصحفي
الأمريكي في قناة ABC جون سكالي (خلال دعوة غداء)التوسط لدى الحكومة
الأمريكية لأن "الحرب على حافة الإندلاع" -على حد قول العميل الروسي- وطلب
منه عمل إتصالاته مع أصدقائه ذوو المناصب الرفيعة بالخارجية الأمريكية
ليرى إن كانوا يرغبون بالحلول الدبلوماسية. واقترح بان تحتوي الصفقة على
أخذ الضمانات من الإتحاد السوفييتي لإزالة الأسلحة تحت إشراف الأمم
المتحدة وأن يعلن كاسترو بعدم دخول مثل تلك الأسلحة بالمستقبل، مقابل
إعلان رسمي أمريكي بأنهم لن يغزو كوبا. رد الأمريكان بان طلبوا من الحكومة
البرازيلية إيصال رسالة إلى كاسترو بأنهم لايرغبون بغزو الجزيرة في حالة إزالة الصواريخ.
بالساعة 6:00 مساءا استلمت الخارجية الأمريكية رسالة يبدو أنها من
خروتشوف شخصيا، وكما وصفها روبرت كيندي بانها طويلة جدا وعاطفية. كرر فيها
خروتشوف الخطوط العريضة والتي قيلت لسكالي قبل ذلك، "أقترح: نحن من جانبنا
سنعلن أن سفننا المتجهة إلى كوبا لاتحمل أي تسليحات. وانت ستعلن بان
الولايات المتحدة لن تغزو كوبا بجيوشها ولن تدعم أي قوة اخرى تحاول
التفكير بغزو كوبا. ثم سيختفي أي حضور ضروري لمستشارينا العسكريين في
كوبا". بالساعة 6:45 وصلت أخبار عرض العميل السوفييتي لسكالي والتي فسرت
أنها من نتاج خروتشوف نفسه. وقد اعتبرت الوثيقة رسمية ودقيقة، بالرغم من
المعلومات الوردت لاحقا بأن العميل الروسي قد عمل من تلقاء نفسه وبدون دعم
رسمي. وتم إعطاء الأوامر بدراسة الرسالة دراسة دقيقة وقد استغرق ذلك الليل
كله.
استمرار الأزمة صاروخ S-75 مثبت بقاعدته. وهو الصاروخ الذي ضرب طائرة U-2 فوق كوبا.
كان كاسترو شبه متأكد من أن هناك غزو أمريكي قريب للجزيرة، وأرسل رسالة
لخروتشوف ويبدو من أنه يدعوه لتوجيه ضربة استباقية للولايات المتحدة. وقد
أمر جميع الأسلحة المضادة للطيران بضرب أي طائرة أمريكية تحلق فوق
الجزيرة، حيث أن هناك أوامر سابقة بضرب فقط أي سرب من طائرتين فأكثر.
بالساعة 6:00 صباحا يوم 27 أكتوبر أرسل عملاء الCIA مذكرة قالوا فيها من
الواضح بأن 3 من 4 مواقع صواريخ في سان كريستوبال وموقعين في ساغو لا
غراند يعملان بكامل طاقتهما. وأيضا الجيش الكوبي مستمر بمتابعته للموضوع،
ولكنهم تحت أوامر بعدم التشغيل إلا إذا تعرضوا لهجوم.
بالساعة 9:00 صباحا بدأ
راديو موسكوبإذاعة رسالة من خروتشوف مناقضة للرسالة التي أرسلت الليلة الماضية، معطية
عرضا جديدا وهو إزالة الصواريخ من كوبا بالمقابل إزالة صواريخ جوبيتر من
تركيا. فطوال فترة الأزمة أعلنت تركيا وبشكل متكرر عن غضبها إذا تم إزالة
صواريخ جوبيتر من أراضيها. فاجتمع أعضاء اللجنة التنفيذية مرة أخرى
لمناقشة الوضع المستجد، فاستخلصوا بأن التغيير بالخطاب كان خلال نقاش
مابين خروتشوف وباقي أعضاء الحزب بالكرملين
[1].
وأبلغهم ماكنامارا بأن هناك باخرة أخرى "غروزني" على بعد 600-ميل
(1,000 كم) خارج الحدود البحرية وسوف يتم اعتراضها. وأخبرهم أيضا بأنهم لم
يبينوا للإتحاد السوفييتي خط الحظر واقترح بتمرير تلك المعلومات خلال
يو ثانت بالأمم المتحدة.
طائرة سلاح الجو الأمريكي U-2 "Dragon Lady" وقد تم اسقاط واحدة منها في كوبا.
بالساعة 11:03 صباحا وخلال اجتماع اللجنة وصلت رسالة من خروتشوف. وتقول
بعض المقاطع من الرسالة: "إنك منزعج من كوبا. وأنت تقول إن هذا يزعجك
لأنها تبعد عن سواحل الولايات المتحدة 90 ميلا فقط عبر البحر. لكن... أنت
وضعت صواريخ ذات قوة تدميرية هائلة، من النوع الذي تسميه هجومية في تركيا,
وملاصقة لنا تماما... لذلك فأقترح التالي: نحن على استعداد لإزالة الأشياء
التي تعتبرها هجومية من كوبا... بالمقابل يعلن ممثليكم بأن الولايات
المتحدة سوف تزيل الأشياء النظيرة لها من الأراضي التركية... ثم بعد ذلك،
يقوم أشخاص موكلون من
مجلس الأمن للأمم المتحدة بتفتيش المواقع لمعرفة مدى استيفاء للوعود التي قطعت." وقد استمرت اللجنة باجتماعها حتى نهاية اليوم.
محرك الطائرة لوكهيد U-2 والتي اسقطت فوق
كوبا معروضة بمتحف الثورة في
هافانابالساعة 12:00 بتوقيت الساحل الشرقي تم ضرب طائرة أمريكية من نوع U-2
فوق الأراضي الكوبية واسقاطها بواسطة صواريخ سوفييتية S-75 موضوعة بكوبا
مما زاد من توتر النقاش مابين الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي. وقد
علم بعد ذلك أن قرار ضرب الطائرة جاء من قائد سوفييتي لم تحدد هويته وتحت
طائل تفويضه الخاص. بعدها أي بحوالي الساعة 3:41 مساءا تعرضت عدة طائرات
استطلاع (F-
كانت بمهمة تصوير استطلاعي على مستوى منخفض لإطلاق نار
وأصيبت إحداهم بطلقات 37مم ولكنها استطاعت العودة للقاعدة.
بالرابعة من بعد الظهر اجتمع كيندي مع اللجنة التنفيذية
بالبيت الأبيضوأمر بإرسال رسالة فورية ليوثانت يسأله إن كان السوفييت يرغبون بتعليق
العمل بالصواريخ خلال تلك المناقشات المستمرة. وخلال ذلك الإجتماع تم
الإعلان بأن طائرة يو-2 قد اسقطت. مع إنه قال قبل ذلك بأنه سوف يصدر أوامر
بمهاجمة أي موقع يطلق النيران، ولكنه فضل هنا ترك الموضوع وعدم الرد إلا
إذا ماتم هجوم آخر. يتذكر ماكنامارا في مقابلة بعد الأزمة ب 40 عا