وثمة أمر في الأهمية غاية ، وهو الطموح ، فالطموح هو الذي يقودك
إلى رتبٍ عليا ، لذا يجب أن يكون القلب بحجم الطموح كما ينبغي للطموح أن يكون
صلباً ،
وقيل :
وَإِذا
كانَتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَت في
مُرادِها الأَجسامُ
وقيل :
مَن كانَ
مَرعى عَزمِهِ وَهُمومِهِ رَوضُ
الأَماني لَم يَزَل مَهزولا
وليتخلق الإنسان بأحسن
الخلق وأقومه ،ولا خلق كالكرم والجود ، قيل :
يجود بالنفس
إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى
غاية الجود
واعمل على أن يكون
لك موطئ قدم في صنائع المعروف والخير ،ولا
تتردد في أمر يقودك إلى المكرمات والإحسان
مَن يَفْعل
الخيرَ لا يَعْدَم جَوازِيَه لا
يَذْهبُ العُرْفُ بين الله والناس
وقيل أيضاً :
مَنْ كانَ
للخَيرِ مَنّاعاً فليسَ لَهُ على
الحَقِيقَةِ إخوانٌ وأخْدانُ
وهذا كله لا يأتي إلا من خلال النفوس السليمة ، والنفوس السليمة
لا تكون إلا بالترفع عن النقائص ،
وَإِذا
النُفوسُ تَطَوَّحَت في لَذَّةٍ
كانَت جِنايَتُها عَلى الأَجسادِ
وحفظ اللسان نصف المعروف ، بل المعروف كلهوإذا لم تستطع أن تفيد
غيرك بفعلٍ ما فاعمل على إفادته بتركك ما يضره :
إِنّا لَفي
زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ مِن
أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ
فعليك بأن تجعل لكل كلمة ميزاناً تمر عليه ، فمقتل الرجل بين
فكيه ،
ومن كثر كلامه قل احترامه ، والصمت من شيم الأكارم ، فلا يقل أحدنا
إلا ما هو خير وصحيح ، من عادتي أن أسكت عما أجهله ،ومن أروع ما قيل : لا
أدري، ونصف العلم قول لا أدري ، ولتجعل
أخي من عاداتك أن لا تشكو لأحدٍ ، فلا مفرج غير الله ، وثمة أشياء يحبب
كتمانها من كنوز البر كتمان المرض
والمصائب والصدقة ، والهموم لا تدوم
وَكُلُّ
الحادِثاتِ إِذا تَناهَت فَمَوصولٌ
بِها فَرَجٌ قَريبُ
ولا تسلم أمرك لحسن
النوايا دائماً ، إذ إن النفوس ليست واحدة ، ولربما يؤخذ الانسان وهو في غفلة أو حسن نية ، فيجر إلى أمورٍ لم تكن لتحدث لو
أنه كان منتبهاً وحذراً ، فالحذر مطلوب ،
وحسنُ
ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ فظُنَّ
شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
وقيل : النية الحسنة
عذر التصرف الأحمق
ولتكن لين الجانب فإن من لانت كلمته وجبت محبته
، ولا تؤخذ الأمور بغير الرفق فاليد اللينة تقود الفيل بشعرة ، الناس رجلان: رجل ينام في الضوء .. ورجل يستيقظ في الظلام
، ولا يحسن بك الترفع إلا على ما يحط من قدرك ، أما أن يكون ترفعك على غيرك لأجل
مكانة أو مادة أو منصب أو لا شيء فهذا ربما ما يدخلك في قول القائل:
يَستَخشِنُ
الخَزَّ حينَ يَلمُسُهُ وَكانَ يُبرى
بِظُفرِهِ القَلَمُ
فتبعد إذ ذاك عن أجلِّ الصفات وأرفعها ، وهي التواضع ، ومن هو
المتواضع ، العالم متواضع ، القوي متواضع ، الكريم متواضع ، الشجاع كذلك ، الغني
أيضاً ، كل هؤلاء وما كان في مسلكهم وسمتهم فهو متواضع ، أما المترفع الذي ينظر
بتكبر وترفع وتعالي فهو كل صغير قدر يشعر
بالنقيصة والدونية ، قليل العلم ، فارغ ، قيل :
ملأى السنابل
ينحنين تواضع والفارغات رؤوسهن
شوامخ
فاعمل على أن تكون ممن يحني رأسه تواضعاً ؛ كي يرفعه الله عز
وجل ، وأجمل ما يكون عليه المرء أن يكون ذا نفسٍ طيبة ، يتعايش مع كل ذي طبع ،
والطبع إنما هو المسلك الذي نجد أنفسنا سائرين به ، ولو نظرنا الخلق لوجدنا أنهم
يبذلون قصارى جهدهم ليرفعوا من شأنهم ، غير أن طباعهم التي جبلوا عليها تقودهم إلى
غير مقصدهم ، فلنحرص على زرع الطبع القويم والصالح لأنفسنا ، فتسير عليه بكل انسياب .
وَكُلٌّ
يَرى طُرقَ الشَجاعَةِ وَالنَدى وَلَكِنَّ
طَبعَ النَفسِ لِلنَفسِ قائِدُ
وطيب النفس وطهارة القلب والعفاف مراد كل ذي لب ،
والقلب أطهر
ما يكون على التقى والنفس أطيب ما
تراها شاكرة
وما هذا ببعيد عن أحد ، فقط اسع لأن تكون كما أردت ، خيِّراً
عفيفاً ، من يستعفف يعفه الله ومن
يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره
الله
واحرص على أن تظلم أحداً ؛ فهو ظلمات ، نم مظلوماً ولا تنم
ظالماً ،
وأوف بالوعد ، وإذا كنت تعلم أنك لا تستطيع للوفاء بالوعد
سبيلاً فلا تقطع الوعد وتكبل به نفسك ، فأنت حر ما لم تعد ، فوعد الحر دين عليه، الوعود
هي الشَّرك الذي يقع فيه الحمقى ، واحرص على تدوين كل شيء ، خاصة الوعود ،
فلربما نسيت وعداً ، ولآخر يظنك تتجاهله ، كما أن الكتاب هي الفن الذي يتقنه
القليل ، من يكتب يقرأ مرتين ، وكل إنسان يسعى للنجاح في أموره ، ولكي تعرف
النجاح انجح ، النجاح أفصح الخطباء ، وهو ليس من السهل الوصول إليه ، وليس
من المحال تحقيقه ، فالنجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك ، واعرف من
الناجح في حياته ، إنه من يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم ، ويفتح أذنيه قبل أن
يفتح الناس أفواههم
، ومن أسباب النجاح أداؤك
للواجب بكل أمانة ، من قام بواجبه لا يضيع
إذا خفت أن تهلك ولم تسعفك الشجاعة على مواجهة الأمر
فاحرص على الموت توهب لك السلامة
، وما بدنيانا راحة ، غير أنه إذا أردت أن لا تتعب ..
اتعب ، ويشقى الجسد في خدمة
النفوس الأبية . قيل :
إذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسامُ
فدبر الأمور ، خطط لها ، أحسم أمرك ، ودع التردد جانباً ، وإلا
فلن تكون ذا رأي سديد :
إذا كنت ذا رأي فكن ذا
عزيمةٍ
فإن فساد
الرأي أن تترددا
وليحذوك الأمل فيما عزمت على إنجازه وإن كان صعب المنال ؛ فبالأمل تدرك الحاجات وأفقر
الناس من عاش بلا أمل ، واحذر من لا يعرف الأمل إلى بواطنهم دروباً ، فهم
يقودونك إلى ما لا يحسدونك عليه ، يقال : اتبع
البوم يقودك إلى الخرائب ، ولربما كان
الأقرب منك يقودك إلى حيث لا تحب ، ولا أقرب من النفس لصاحبها ، أحمق الناس
من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ، كما أن الأمل
ذاته ربما يكون مضرة ، وسترة لبعض الأنفس
فقيل : الأمل غذاء المنفيين ، واسع لحفظ نفسك ، بحفظك خالقك ، احفظ الله
يحفظك ، ولا حفظ كأن يكون إيمانك
كاملاً ،ولا يكون ذلك إلا بالخلق الحسن ؛ فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، وللمؤمن
ضالة ينشدها حيث كانت ، فالحكمة
ضالة المؤمن ، واحرص على أن يغلب حياؤك إقبالك وإدبارك ؛ الحياء
لا يأتي إلا بخير ، والكلمة الطيبة صدقة ، وقيل : الأفواه الجائعة أحق
بالصدقات من بيت الله الحرام ، وانظر
إلى غيرك وخذ من تجاربهم عظات ، السعيد
من وعظ بغيره ، واحذر أن يأخذك للغرور بدنياك فسحتها ؛ فالريح والنعمة لا
يدومان ، واحرص على نفسك ولا تكون إلا
غيثاً أو ليثاً ، فالسيد من يكون للأولياء كالغيث الغادي، وعلى الأعداء كالليث
العادي ، واجعل الصواب نصب عينيك ، وإن أخطأت فعد يغفر الناس لك ، الصيت
الحسن يغطي كل الأخطاء ويكفي المخطئ
حسن نيته الصواب ،
فالعمل سعي الأركان إلى الله، والنية سعي القلوب إلى الله،
والقلب ملك والأركان جنود ولا يحارب الملك إلا بالجنود، ولا الجنود إلا بالملك.
الدنيا كلها ظلمات إلا موضع العلم، والعلم كله هباء إلا موضع العمل، والعمل كله
هباء إلا موضع الإخلاص، هذا هو العمل.
اعلم أن الكلمة الطيبة
تفتح الأبواب الحديدية ، وإذا ما أردت أن تعالج أمراً ما فلا تعالجه بتشدد وتعصب فالرفق لا يكون في شيء إلا زانه ،
وتحرى العمل الجالب للخيرات والدافع للمضرات ، واعلم أن الحياة الدنيا إلى فناء ؛
فاعمل لما بعدها فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ولا يخلو قلبك من أمرين أحدهما دنياك فعش عزيز
النفس بها ، وآخرتك لتي إليها معادك فالله تعالى يبغض كل فارغ من أعمال الدنيا
والآخرة ، وقد أعطاك الله العافية والصحة
؛ فلا تبخل على نفسك بهما ، واشغل نفسك بما يغنيك عوده ؛ إن الله تعالى يبغض
العبد الصحيح الفارغ
وثمة حلاوة لا يذوقها
إلا من كان الحب مسلكه ، وهي حب الناس ؛ أن
تحب كل الناس شيء جميل فحاول تجربته ، واحذر من أن تأخذك الفاقة إلى حيث المذلة ،
فلا عيب في الفقر ، وإذا فقدت المال فلا
تفقد عزتك ، وإن كان جيبك فارغاً فحاول
أن يكون رأسك شامخاً ، أما أفعالك فلا يلام غيرك عليها ، فلسان العاقل يقول
: أنا مسؤول عن عقلي
.. إذن أنا مسؤول عن أفعالي ولا تجعل التسويف يفوق عملك ؛ أنذرتكم سوف ؛ فإنها جند من جنود إبليس . وتوخ أن
تكون في منأى عن دخولك فيما لا يخصك ولا منه لك مصلحة ولا نافع ، واجعل هذه كلمة
" بخلاف ما فيك " نصب عينيك
؛ فقد سأل رجلٌ الأحنف قائلاً : بم سدت قومك، وما أنت بأشرفهم بيتاً، ولا
أصبحهم وجهاً، ولا أحسنهم خلقاً؟ فقال الأحنف : بخلاف ما فيك، قال: وما ذاك؟ قال:
تركي من أمرك ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك .
احرص على استغلال وقتك وجدك ، ولا تجعل للكسل إليك منفذاً ،
وعلى قدر جدك يكون إنجازك .
بقدر الجد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي
ووقوفك بوجه الشدائد إنما هو ساعة صبر ، بصبر ساعة قالها عنترة عندما قال له أحدهم : كيف تقتل الرجال ولا يقتلونك ، قال له ضع إصبعك في
فمي ، ووضع إصبعه في فمه ، وقال : لـُكْ
اصبعي وألوكُ إصبعك ، ففعلا وصرخ الرجل ؛
فقال له عنترة : بصبر ساعة ، لو لم تصرخ أنت لصرخت أنا .
واعلم أنه لا كيان بلا نظام
، لكي تشيد صرحك ، وتقيم أمرك فلا مناص من ترتيب أمرك ، وتنظيم شؤونك ،
وهكذا الأمر ، بني الكون على النظام ، وتعلم في هذه الدنيا من أي شيء ،
فاجعل من الحجر معلماً لك يعلمك كيف يكون
عزمك ، ومن السماء كيف يكون قلبك ، ومن الماء كيف يكون تدبيرك ، تعلم ولو من خصمك
، وليكن عقلك متحمساً في شأن الخير والصلاح ، فحماس العقل لا يشيب ، وتزود من
دقيقتك هذه للدقيقة الآتية و خذ من يومك لغدك
وإياك والخجل من السؤال فمن يسأل فهو غبي لخمس دقائق لا أكثر ، ومن لا
يسأل غبي طول عمره ، فاختر ما تكون ، وخير لك أن تسأل مرتين من أن تخطئ مرة واجعل مخافة الله الحكمة التي
تنشدها والتي تطلبها دائماً ف رأس
الحكمة مخافة الله ، وستلاقي في مسيرتك من يشدك إلى الخلف فلا تأبه وإن قيل لك
:
ولو أن
بان خلفه هادم كفى
فكيف ببانٍ
خلفه ألف هادم
فقل: أنا الباني ولكني بعزم ألف هادم ، واحذر من أمرين فهما شر
ما في الرجل ، وهما منقصة لكل من حمل الرجولة على كاهله ، وهما البخل والجبن فشر
أخلاق الرجال البخل والجبن . واعمل بقول القائل : صَبَرتُ نَفسي عِندَ أَهوالِها
وَقُلتُ مِن هَبوَتِها لا بَراح
إِمّا فَتىً نالَ العُلى
فَاِشتَفى
أَو بَطَلٌ ذاقَ الرَدى
فَاِستَراح
ولا تنس نصيبك من دنياك ، ولا تهمل معادك وآخرتك عش لدنياك
كأنك تعيش دوماً واعمل لآخرتك كأنك تموت
غداً ، أما العزم فاحرص على أن تكون
ممن عزائمهم قوية ، هممهم عالية ؛ لتكون غاياتك على مستوى هممك وعزمك ، ؛ إذ لو كان عزمك صغيراً فلن تتجاوز غاياتك ذلك العزم قدراً ، وكذا
مكارمك وأعطياتك إنما تقاس على قدر
كرمك وعلو نفسك ، فقد قيل :
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ
الكِرامِ المَكارِمُ
أما صغار النفوس فإن صغار الأمور كبيرة في عيونه وكذا كبار
النفوس إنما تصغر في عينهم عظام الأمور ، فعليك أن تكبر أن تكون صغيراً فقد قيل :
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
وما عمر الإنسان قياساً بما عاشه من سنين وإن كانت كثيرة ، غير
أننا عندما نعيش لأنفسنا تصبح أعمارنا قصيرة ، وعندما نعيش لأنفسنا وللآخرين تمتد أعمارنا إلى ما بعد موتنا . فعلى الإنسان أن لا يعيش لنفسه فحسب بل
للآخرين ما استحق أن يولد من عاش لنفسه
والنجاح لا يأتي بدون جهد ، ولا يجنى من غير زرع ، وإذا ما
زرعته فإنك جانيه ، لا شك من زرع النجاح جناه
، والنجاح لا يأتي إلا من النفوس القوية ، التي تتحلى بالإرادة وقوة العزم ، ولربما رأى
أحد أن القوة هي أن تطيح بخصمك ، ذاك جانب من القوة ، ليس الشديد بالصرعة .. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، أي بمعنى أن
القوة في النفس والتحكم بها ، وإذا ما تحكمت بنفسك وكنت سيدها فإن ذلك يؤهلك لتكون
سيداً على العالم ، ذلك بحفظك نفسك ، وتحكمك بتصرفك ، لتكون
سيد العالم كن سيد نفسك ، وسُئِلَ أحدُهم : بم سدت قومك ؟ قال : لم أخاصم أحداً إلا تركت للصلح موضعاً
،ومما يعرف به السيد تركه الشتم واللعن وتفاتف
الأمور ونقائص النفوس ومعاداة الخلق من غير حق : فقد قال أحد كبار النفوس : ما
شاتمت رجلاً مذ كنت رجلاً لأني لم أشاتم إلا أحد
رجلين إما كريم، فأنا أحق أن أجله، وإما لئيم فأنا أولى أن أرفع نفسي عنه.
وحسب المرء أن يكف أذاه عن غيره فمن
رزقه الله مالاً فبذل معروفه وكف أذاه فذلك السيد ، ومما يعرف به السيد رجحان
العقل واكتماله ، وقد قيل :
لَيسَ
الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ
لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي
وتبصر طريقك أخي القارئ إلى شيء غاية في الأهمية في حياتنا ، هو ما يسعى لتحقيقه الأخيار ، هو الإحسان ،
وله أوجه متعددة ، وأياً كان وجه الإحسان
فإنه مرغوب ومحبب عند أهل الفلاح والتوفيق ، وقديماً قيل : أحسن كما تحب أن
يحسن إليك ، ولإحسان ثمرة كل
عمل رفيع ، إذن ليكن لك أجر عن عملك وهو الإحسان ، لا أجر لمن لا حسنة له ،
وليغتنم أحدنا فرصه السانحة لبسط يد الإحسان ، فلربما لا يكون بمقدورك فعله لعائقٍ ما ،
أحسن إذا
كانَ إمكان وَمَقدِرَة فَالغافَلونَ
عَن الإحسان عُميان
وَكُن إلى
فُرصة الإمكان مُنتَهِزاً فَلا
يَدومُ عَلى الإنسان إمكان
ولا إحسان كإحسانك إلى نفسك ؛ إذ بإحسانك لنفسك
تحسن للناس أجمعين ، ولك الأمر في ذلك ، ناهيك عن أنه من لا يحسن إلى
نفسه لا يحسن إلى غيره ، وأكثر ما يبتغيه الإنسان من أخيه هو الإحسان ، فبه يُسلم لك الإنسانُ محاسن ظنه وتنقاد لك مباهجه ؛ فقد قيل :
أحسِنْ إلى
النّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ
فطالَما استبَعدَ الإنسانَ إحسانُ
ومن ألوان الإحسان وصنوفه العفو والمغفرة عن زلاتٍ تعرضت لها ،
وإنْ أساءَ
مُسيءٌ فلْيَكنْ لكَ في عُروضِ
زَلَّتِهِ صَفْحٌ وغُفرانُ
ولا تتوقع أن يضيع صنيعٌ ما عملته وإن قل ذلك الصنيع والإحسان ،
فمهما يصغر الإحسان فإنه لا يضيع .
ثمة أمور أخي
القارئ تتحكم في مسارنا وتوجهه ، إما إلى نجاحٍ وتفوقٍ ، أو إلى مقابلِ هذا وهو
الفشلُ والانحسارُ ، ومن أهم هذه الأمور " الإرادة " فالإدارة سر
النجاح ، ولربما تساءل أحد : هل يكفي الرأي السديد بغيرها ؟ ـ أي بغير الإرادة
ـ فأجبه بأنه لا رأي لمن لا إرادة له ، وإذا ما حددت وجهتك في أمرٍ ما فإن
إرادتك وإصرارك هما أولُ زادكَ ، فقد قيل : الإرادة نصف الطريق ، وإن صادف
وتعثرت نتيجة أمرٍ ما أو عائق طبيعي أو
مفتعل من غيرك فإن هذا مما يزيدك إصراراً ورغبةً في الصمود والوقوف ؛ فليس
العيب أن تقع ؛ إنما أن تبقى مكانك ، فامضي في طريقك ، اسع ولا ترجع بخفي
حنين ، واجعل للإعتداد بنفسك في نفسك موضعاًَ ، واعتمد في شؤونك على نفسك ، لا
على غيرك ؛ فقد قيل قديماً : من يمتطي جمل جاره لا يصل إلى داره ، وقيل
أيضاً : من اتكل على زاد غيره طال جوعه ، فالزم نفسك وساعد غيرك
وكُنْ على الدَّهر مِعواناً لذي أمَلٍ يَرجو نَداكَ فإنَّ الحُرَّ مِعْوانُ وإن احتجت من غيرك شيئاً فاطلبه ، ولا يكن
ديدنك طلب الناس ، حتى لا تستطيع عمل شيءٍ إلا
بمساعدة غيرك ودعمه ، واعمل على أن تكون أنت الذي يتحدث عنه بيت الشعر
التالي :
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ
فأنت لا تستطيع أن تعتمد على الناس في أمورك وخاصة فيما عظم
منها
وَحيدٌ مِنَ الخُلّانِ في كُلِّ بَلدَةٍ
إِذا عَظُمَ المَطلوبُ قَلَّ
المُساعِدُ
فإذا كان ذاك فاجعل الاعتماد على نفسك طريقك لنجاحك وتفوقك ،ولن
يتسنى لك ذلك بغير عزمٍ قويٍ للشدائد ، ولربما خالط عزمك شيءٌ من الشك في وصولك أو تحقيقك المنى أو شككت في نفع هذا
أو غير ذلك فإذا شككت فاجزم ، وإذا
استوضحت فاعزم ، وثمة كلمة لا توجد في قاموس أهل العزم وهي : " الفشل " فعندهم أنه لا وجود لكلمة فشل ، وإذا لم تجد كلمة الفشل فإنك لن تر
للمستحيل عندهم وجوداً ، فلسان حالهم يقول
: لا للمستحيل ، ولا مستحيل عند أهل العزيمة ، ولا تكن كمن يفتخر
بعزمه وقوته ، وجعل لنفسه مقياساً لا يقاس
به العزم ، ولا تحدد به القوة كما في قول
أحدهم وإن كان ذا طابع "كوميدي"
:
ولي عزم يشق
الماء شقاً ويكسر بيضتين على التوالي
وفي الهيجاء ما جربت نفسي ولكن في
الهزيمة كالغزال
ولتضع نصب عينيك قول
الشاعر :
تَهونُ عَلَينا في
المَعالي نُفوسُنا
وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
وقول القائل :
تسلح بالإرادة للمعالي
وبالإصرار للرتب العوالي
وكن للسبق ذا قلبٍ قويٍ
عصيٍ للشدائد لا يبالي
إرادتنا وعزمٌ واقتدارٌ
وذا الإصرار شرط للمعالي
فلا التمني يبلغنا الأماني ولا الضعف يؤهلنا لمجابهة الشدائد ، فإياك
والإتكال على المنى فإنها بضائع الموتى ، وتخلق بقول القائل :
فإنه لا نحقق الأعمال بالتمنيات .... إنما بالإرادة نصنع المعجزات
ولربما تعرض أحدنا
للفشل في أمرٍ ما ، ولكن لا يعني هذا أن يقف مكتوف الأيدي لذلك ، فأسوأ من
الفاشل من لا يحاول النجاح ، ولتعلم
أن التعثر يعلم المشي ، وليس سقوط المرء فشلاً إنما الفشل أن يبقى حيث
سقط ، ولكي تجد نفسك بعيداً عن الفشل ، على قمة النجاح انظر إلى الأمام
دائماً فإنك لا ترى الفشل .
أخي القارئ هنالك
شخص آخر لا يرى الفشل واحذر أن تكون أنت
هو ، لأنه ليس كل من لا يرى الفشل هو ناجح ، فالشخص الوحيد الذي لا يعرف طعم
الفشل هو الذي يعيش بلا هدف ، فاحذر أن لا يكون لك الهدف الذي تعيش من أجله .
وتوجه إلى الحياة بقلب ذي شغف
للانطلاق بالحياة ، فإن لم تفعل
فإن الحياة لا تنتظر من لا يبحر فيها بقلبه وعمله
وإخلاصه
ألا انهضْ وسِرْ في سبيلِ
الحَيَاةِ فمنْ نامَ لم تَنْتَظِرْهُ
الحَيَاهْ
ولك في هذا عوائق كثيرة
، أولها وأهمها : " نفسك " .
وإذا سأل سائل : لم
النفس أهم العوائق ؟، أجبه بأن
الذي ينتصر على غيره قوي ..
لكن الذي ينتصر على نفسه أقوى ، والنفس برغم
قوتها فإنها تنقاد لصاحبها إذا داوم على تقويمها و تهذيبها
، ولن تعوزك الحيلة وتعجزك القدرة على
قيادة نفسك .
وَالنَفسُ
راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها فَإِذا
تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
وإذا ما انقدت أنت للنفس
فإنك ستكون لها العبد الذي لا يخرج عن أمر سيده .
قيل :
أَطَعتُ مَطامِعي فَاِستَعبَدَتني وَلَو أَنّي قَنِعتُ لَكُنتُ حُرّا
والمطامع مصدرها النفس
واتباعها لما يشقيها ، فلكي تنطلق في
حياتك تحكم بنفسك وقدها إلى
ما يزكيك ويزكيها ، وانشد أهدافا لنفسك ، ولا تجعلها صغيرة فتصغر نفسك بصغرها ، والتعب في نيل الأهداف
واحد ، سواءًا كان الهدف والمطمح
صغيراً أم كبيراً ، فلن تدركه بغير جد وكد وتعب ؛ فلما لا يكون الطموح
كبيراً ، يستحق تعبك وتضحياتك .
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ
كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ
عَظيمِ
ويصاحب سعيك إلى هدفك
وسؤلك الصبر والمثابرة في طلبه ؛ فقد قيل :
إني رأيت
وفي الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة
الأثر
وقل من جد
في أمر يحاوله واستصحب الصبر إلا
فاز بالظفر
وهل يظن أحدٌ أن الأماني تدرك بغير التعب والمشقة ؟ لا .. بل لا تدرك إلا بالنصب والتعب والسهر . فقيل :
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وهل بلغ أحد مناه بغير ما قيل ؟
بَصُرتَ بِالراحَةِ الكُبرى فَلَم تَرَها تُنالُ إِلّا عَلى جِسرٍ مِنَ التَعَبِ
وليست الراحة الكبرى أن يكون المرء في راحة بلا عمل ، إنما يقصد بها ما يبلغه الرجل من
الراحة بفضل بلوغه مبتغاه وهدفه ، أما من
عكف عن العمل فلا راحة له ؛ من تعود الكسل ومال إلى الراحة .. فقد الراحة
، ولن يصل إلى كينونة المجد إلا من شحذ همته وطار إلى المجد والفخار بجناح العمل ، وزاده قوةُ عزيمتِهِ
؛جاعلاً من الصعاب التي تقف في طريقه
سلماً يصل به إلى ما يطلبه ؛ فقد
قيل :
لن يدرك المجد من خارت عزائمه
عند الصعاب
ألا فلتشحذِ الهممُ
والمثابرة أساس به
تدرك مبتغاك ، والتواني
مما يبعدك عنه فاحذره
وَلا أَدرك الحاجاتِ مِثلُ مثابِر وَلا عاق مَنها النَجح مِثل ثَوانِ
وثمة أمر مهم ؛ فقد يبلغ المرء بعض شأنه فيأخذه الغرور والتوهم بأنه
قد بلغ أمره كله ، فيتسرب إليه ما
يؤدي إلى ترك العمل والمثابرة والجد ، وهو شعوره بانتهاء السبق وفوزه . فقل له :
ما الفوز بالسبق أن تزهو بأوله إن
المفازة أن بالزهو يختتم
والأمر الأهم عند كل
شأن تود إتمامه أخي القارئ هو " الخطوة الأولى " فلكل شيء خطوته
الأولى ... فأقدم .
ولا شك أن الخطوة الأولى تحتاج إلى الشجاعة كي يخطوها المقدم على أمرٍ ، فمن
مرادفات الشجاع " المقدام
" أي الذي يقدم على أي شيء ، لا يخاف
المواجهة ، ولكن ما الشجاعة التي يجب أن
يتحلى بها المرء ؟ ، وكيف يكون المرء شجاعاًً ؟
إن لكلٍ منا
رأيه الخاص في الشجاعة ، وتعريفه الذي يقيد به حدود الشجاعة ومعالمها
، ولكن يتحكم بنا أمرٌ وهو طباعنا
التي نشأنا عليها ، فما وافق منها الشجاعة
أقمناه ، وما جانبها تركناه ، قال الشاعر :
وَكُلٌّ يَرى طُرقَ الشَجاعَةِ
وَالنَدى
وَلَكِنَّ طَبعَ النَفسِ لِلنَفسِ
قائِدُ
وأقصى ما يخاف منه المرء
زواله عن هذه الدنيا ، بيد أنه هل
من خالدٍ بها ؟ ، محصنٌ بوجه الموت
والفناء ، وهل إذا جبن المرء سيقف الجبنُ حائلاً دون الموت ؟ ، قال الشاعر :
وَإِذا
لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ
فَمِنَ
العَجزِ أَن تَكونَ جَبانا
ويرى بعضهم أن قعودهم
دون صنائع الشجعان إنما هو العقل والتأني
والتروي . قيل :
يَرى الجُبَناءُ أَنَّ
العَجزَ عَقلٌ
وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ
ولتعلم أخي أن الشجاعة
عزيزة يضعها الله فيمن شاء من عباده ، إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية
والشجاعة تورث عزة النفس وكرامتها ؛ إذ لا كرامة لمن لا يتحلى
بالشجاعة في مواطن الشجاعة والإقدام ، وأنى يعيش المرء بلا عزة نفس ، قال الشاعر :
عِش عَزيزاً أَو مُت وَأَنتَ كَريمٌ بَينَ طَعنِ القَنا وَخَفقِ البُنودِ
لا كَما قَد حَيّتَ
غَيرَ حَميدٍ وَإِذا مُتَّ مُتَّ
غَيرَ
فَقيدِ
فَاِطلُبِ العِزَّ في لَظى وَذَرِ
الذُل لَ وَلَو كانَ في جِنانِ
الخُلودِ
لا بِقَومي شَرُفتُ بَل شَرُفوا
بي وَبِنَفسي فَخَرتُ لا بِجُدودي
وقال آخر :
فلا تَتَّكِلْ إلا على ما فعلتَهُ ولا تحسبنَّ المجدَ يُورَثُ بالنسبْ
فليس يسودُ المرءُ إلا بنفسه وإن عَدَّ آباءً كراماً ذوي حسبْ
وقال غيره :
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ
وإليك ما يغفل عنه كثير من الناس ، وإن
كانوا يدركونه ، وهو أنه من يهن نفسه لن تجد له من مكرم ، ولن يشعر هو بذل الهوان
؛ إذ إنه ميت الإحساس بذلك ، قال الشاعر :
مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ ما لِجُـــــرحٍ بِمَيِّتٍ
إيلامُ
وما الوصول لعزة النفس وارتفاعها عن ما يشينها بسهل البلوغ ؛
الرأس المرفوع بشمم يتطلب نفساً
عالية الإباء ، وكن كما قال
الشاعر مفتخراً بنفسه وقومه ، وما الافتخار بمجرد العبارات فقط ؛ إنما بالعمل
والخلق القويم وبإيثار النفس وبرفعها عن
الدنيء من الفعل ، قال الشاعر :
وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ
عِندَنا لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ
القَبرُ أَعَزُّ بَني الدُنيا وَأَعلى
ذَوي العُلا وَأَكرَمُ مَن فَوقَ التُرابِ وَلا فَخرُ
وثمة أمور إذا لم تخالط نفس المرء فهو محمود ؛ فقد قال الشاعر :
إِذا المَرءُ لَم
يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَـــــديهِ جَمـــــــيلُ
وَإِن هُوَ لَم
يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلــــــــى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
ومما يفخر به الإنسان ، ومما
يثني المرء على أخيه به هو الكرم
والعطاء والبذل .
مَنْ جادَ بالمالِ مالَ النَّاسُ قاطِبَةٌ إلَيهِ والمالُ للإنسان فَتّانُُ
فالناس عادةً يميلون إلى من هو كثير العطاء ، ليس
بالضرورة طمعاً في ما عنده ؛ بل حباً له ،
فهو متخلق بصفة يحبها الله ورسوله وهي
الكرم ، وقد قال الشاعر :
وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ وَكُلُّ مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ
وما يقف حيلولة بين البذل والعطاء هو
النفس ، فإن النفس مجبولة على مجانبة فعل
الخير إلا من هدى الله ، فهي الأمارة
بالسوء ، ومن كرمت عليه نفسه هان عليه
ماله .
وهناك ثمرتان و أمران ، ثمرة القناعة الراحة
، وثمرة التواضع المحبة ، وقيل
في ذلك :
فَاِقنَع فَفي بَعضِ القَناعَةِ راحَةٌ وَاليَأسُ مِمّا فاتَ فَهوَ المَطلَبُ
وَإِذا طَمِعتَ كُسيتَ
ثَوبَ مَذَلَّةٍ فَلَقَد كُسِي ثَوبَ المَذَلَةِ أَشعَبُ
ومن يبحث عن السعادة
فإن القناعة منتهى السعادة
؛ ذلك أن الغنى غنى النفس ، قيل : ليس
الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس
، وعلى الإنسان أن يحمل على عاتقه أخاه الإنسان ، تميط عن طريقه
العوائق من صفات غير محمودة وما إلى ذلك ، ومعاملة الصديق من الأمور
التي هي من الأهمية بمكان ، ولذا قيل : عاتب
صديقك بالإحسان إليه واردد شره بالإنعام عليه ، وثمة من يكرر : " اتق شر
من أحسنت إليه " ولم يدر أن لها تكملة
تتم معناها وتظهره بالصورة
المثلى ، والعبارة كاملة هي : "
اتق شر من أحسنت إليه بدوام الإحسان إليه
" وهناك من لا يسمع
لصديقه نصحاً ولا عظة ، فليحذر كلٌ منا أن يدخل ضمن من قال فيهم الشاعر :
لَقَد أَسمَعت لَو نادَيت حَياً وَلَكن لا حَياةَ لِمَن تُنادي
وَلَو نار نفخت بِها أَضاءَت وَلَكن أَنتَ تَنفخ في رَماد
ومعاملة الناس لا تقل أهمية عن غيرهم ،
من أصدقاء وأهل وغير ذلك ، ولها قواعد كثير ، ومن حدودها :
لا تتطاول على من فوقك فيستخف بك من دونك ، كما أنه لا تفرح بسقوط غيرك فلا
تدري ما تضمر لك الأيام ، ولتجعل نهجك خير الأمور ، فقد قيل : خير الأمور
الوسط . وقيل : تكمن الفضيلة في الوسط ، ولتكن مرآة أخيك فقد دخل
بعضهم على إبراهيم بن صالح فقال له: عظني.
فقال له الولي: بلغني رحمك الله أن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم الموتى، فانظر ماذا تعرض على رسول الله صلى الله عليه
وسلم من عملك. فبكى إبراهيم حتى سالت دموعه.
ولا يخرج بعض المحيطين بك عما يلي أولاً يتجاهلونك ,
ثم يسخرون منك , ثم يقاتلونك , ثم تفوز أنت ، والناس صنفان ، متفائلٌ
ومتشائمٌ ،
فالمتشائم يرى
الصعوبة في كلّ فرصة , أما المتفائل فيرى الفرصة في
كلّ صعوبة. وبعض الناس لهم المتعة شيء آخر ؛ فهم يرون أن هناك نوع من المتعة وهو
أن تفعل المستحيل ، وبين البشر من هو
موهوب ومن هو عبقري ، فمن هذا ومن ذاك
؟ الموهوب يفعل ما يستطيع فعله،
العبقري يفعل ما يجب فعله.
وقد قال أحد
الناجحين : يومياً أستيقظ وأبحث في قائمة فوربس
لأغنياء
أمريكا. إذا لم اجد اسمي، أذهب للعمل
، ولكي تكون لك المكانة بين الجموع فإن الأمر الأساسي هو أن تحسن عملك وتتقنه ، فحاول المستحيل
لكي تحسّن عملك ، وهناك ممن تصاحبهم أناس يجعلون نصب أعينهم الحد من طموحاتك ؛ فابق بعيدًا عن الناس
الذين يحاولون أن يستهينوا بطموحاتك .ولم يفعلون ذلك ؟ لأنهم صغار النفوس ، فالصغيرون
يفعلون ذلك
دائما , لكنّ العظام فعلاً يجعلونك تشعر أنك
أيضاّ يمكن أن تصبح عظيما، فاختر من تخالط.
انتهى الموضوع
أرجوا الدعاء لي ولوالدي